المحور الثالث: مواقف أنصار الله في معركة غزة: انعكاس المكانة العالمية لليمن «الجزء الثانی»

القسم السياسي:
هذا الحضور الإعلامي، إلى جانب التظاهرات المليونية في صنعاء، أرسل رسالة واضحة إلى العالم: اليمن، حتى في ذروة الحصار، لن يتخلى عن فلسطين ولن يصمت صوت القدس.
الثامن: المستقبل المشترك: اليمن وغزة في أفق الحرية
المستقبل الذي ترسمه حركة أنصار الله لليمن وفلسطين يتجاوز الانتصارات العسكرية. فهم يسعون لبناء أمة يكون فيها تحرير فلسطين، وتعزيز محور المقاومة، واليمن كقلب نابض في هذا المشروع.
تتجلى هذه الرؤية ليس فقط في ساحات المعارك، بل في إعادة بناء هوية الأمة الإسلامية من خلال التعليم، الثقافة، والوعي. اليمن اليوم، ليس فقط بالسلاح، بل بإيمانه وإرادته، يقول لغزة: «نحن معكم، حتى القدس».
الخلاصة: اليمن وغزة، قلبان لنفس النبض
غزة في وعي صنعاء ليست قضية سياسية أو عسكرية فحسب، بل جزء من الهوية اليمنية المترابطة بالإيمان والمقاومة والتضحية. حولت أنصار الله اليمن إلى جبهة نشطة في محور المقاومة، غيرت المعادلات الإقليمية، وقدمت نموذجًا لأمة لا تنحني أمام الظلم والاستكبار.
صنعاء وغزة، المدينتان المحاصرتان، تصرخان بصوت واحد: «من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، نحن أمة واحدة، والقدس، بإرادتنا، ستتحرر».
مواقف أنصار الله السياسية والإعلامية في الدفاع عن فلسطين: منبر المقاومة في زمن التواطؤ
في وقت اختبأت فيه بعض الدول العربية خلف لسان دبلوماسي بارد، وانخرطت أخرى في مشاريع تطبيع مخزية مع العدو الصهيوني، برزت حركة أنصار الله في اليمن كأحد أصادق الأصوات في الدفاع عن فلسطين، ليس مجاملة أو مناورة سياسية، بل من موقع العقيدة والبوصلة والموقف الوجودي.
فلسطين في خطاب أنصار الله تحولت من «قضية وطنية» إلى مبدأ ديني ومحور عقائدي ثابت. جعلوها معيارًا لقياس شرعية المواقف وفاصلًا يحدد المخيمات: إما أن تكون في صف القدس أو في صف يافا المحتلة.
أولًا: الموقف السياسي الرسمي لأنصار الله تجاه فلسطين
منذ بداية الحركة، كان موقفها من فلسطين واضحًا لا لبس فيه:
- عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني،
- عدم التفاوض معه،
- عدم قبول وجوده،
- وعدم الحياد في المواجهة معه.
وفي جميع البيانات الصادرة عن المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، تتكرر التأكيدات:
- دعم المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها بلا قيد أو شرط،
- رفض كافة اتفاقيات السلام والتطبيع مع الكيان الصهيوني،
- الدعم المطلق لحق الفلسطينيين في استعادة الأرض والقدس،
- واعتبار أي اعتداء على غزة اعتداءً على الأمة جمعاء.
وقد تجلى هذا الموقف بوضوح خلال معارك «سيف القدس»، «ثأر الأحرار» و«عاصفة القدس»، حيث كانت صنعاء من أولى العواصم التي أعلنت دعمها السياسي الكامل وهددت بالرد العسكري على أي تصعيد ضد غزة.
ثانيًا: الخطاب الإعلامي المقاوم
فلسطين دائمًا في أولوية الإعلام اليمني التابع لأنصار الله – خاصة قناة المسيرة ووكالة سبأ الرسمية – ولا تُعامل كخبر خارجي، بل كقضية داخلية يمانية.
- تُغطَّى المسيرات الضخمة في المدن اليمنية كأحداث وطنية،
- تُبث خطب السيد عبد الملك الحوثي بالتزامن مع عمليات المقاومة في الضفة الغربية وغزة،
- ويُستذكر شهداء فلسطين بأسمائهم كما لو كانوا أبناء صنعاء أو صعدة أو ذمار.
من أبرز سمات هذا الخطاب الإعلامي:
- استخدام مصطلح «العدو الصهيوني» بدلًا من «إسرائيل»،
- الربط المستمر بين جرائم الكيان الصهيوني وجرائم العدوان على اليمن،
- التأكيد على وحدة الجبهات: «ما يحدث في غزة يخص صنعاء وما يحدث في القدس يخص طهران»،
- نشر بيانات الفصائل الفلسطينية دون تحريف أو انتقاء.
ويجدر بالذكر أن هذه الوسائل الإعلامية تتجنب أي انحياز موسمي داخل فلسطين، وتعتبر جميع المقاومين – من حماس والجهاد الإسلامي إلى الجبهة الشعبية – أبناء مشروع واحد هو مشروع التحرير.
ثالثًا: خطاب السيد عبد الملك الحوثي تجاه فلسطين
يحمل خطاب السيد عبد الملك الحوثي بعدًا تعبويًا مميزًا في الدفاع عن فلسطين، فهو لا يرى فلسطين مظلومة فحسب، بل «أمانة على عاتق جميع المؤمنين»، ويقدّم نموذجًا عقائديًا يرى فيه أن التخلّي عن القدس خيانة لله ولرسوله.
من أبرز أقواله:
- «العدو الصهيوني ليس خطرًا على فلسطين فقط، بل على الأمة جمعاء. من يكتفي بمشاهدة المجازر في غزة اليوم، سيكون غدًا هدفًا له»،
- «نحن مستعدون لإرسال المقاتلين والسلاح ولدينا قدرات كبيرة، لكننا لا نسعى للدعاية، بل لموقف عملي في اللحظة المناسبة».
وليس هذا الخطاب استهلاكًا إعلاميًا فحسب، بل ترافق مع عمليات ميدانية ضد المصالح الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر، منسقة مباشرة مع أي مواجهة يواجهها الشعب الفلسطيني.
رابعًا: الميدان الشعبي في اليمن… فلسطين في كل شارع
على عكس العديد من العواصم العربية التي تقمع أي حركة شعبية لدعم فلسطين، تحولت شوارع صنعاء، صعدة، تعز والحديدة إلى ساحات دائمة للتضامن الشعبي مع غزة.
أبرز مظاهر هذا الحضور:
- مسيرات مليونية بشعارات مثل «القدس أقرب» أو «غزة تُقصف ونحن نحارب»،
- إقامة خطب صلاة الجمعة للتضامن مع غزة ودعوة للجهاد ضد الصهاينة،
- أنشطة تعليمية في المدارس والجامعات لإحياء ذكرى الانتفاضة والأسرى والشهداء،
- مبادرات شعبية لجمع التبرعات رغم الحصار الشديد.
هذا الحضور لا يقتصر على إشعال المشاعر، بل يغذي الخطاب التعبوي لجيل يرى فلسطين جزءًا من هويته، لا مجرد خبر في الإعلام.
خامسًا: مكانة فلسطين في الهوية العقائدية لأنصار الله
فلسطين في عقيدة أنصار الله ليست قضية «سياسية» فقط، بل جزء لا يتجزأ من مفهوم التوحيد، والولاية، والبراءة. فلسطين تجسيد للصراع الأبدي بين المستضعفين والمستكبرين، بين أولياء الله وأولياء الشيطان، وبين من يدافع عن المسجد الأقصى ومن يحمي «صفقة القرن».
لذلك، يعتبرون دعم فلسطين واجبًا دينيًا مستمدًا من نصوص قرآنية، وليس من قرارات اجتماعات عربية، ولهذا فإن مواقفهم غير قابلة للتفاوض ولا مرتبطة بالمصالح المتغيرة، بل مبنية على ثوابت إيمانية ثبتها القرآن والسنة النبوية وأحاديث أهل البيت.
سادسًا: أنصار الله، منبر فلسطين في زمن الصمت
في عالم عربي تسيطر عليه الصفقات والتحالفات المؤقتة، بقيت حركة أنصار الله ثابتة في موقفها تجاه فلسطين؛ لا تنحرف، ولا تتاجر، ولا تحيد عن الحقيقة.
لقد أثبتوا أن الدفاع عن فلسطين لا يحتاج لمليارات أو مؤتمرات براقة، بل لإيمان صريح، موقف شجاع، سلاح لا يُشترى، وصوت لا يُسكت.