الممر الشمالي ـ الجنوبي وآفاق النقل من الجمارك والموانئ الشمالية
الممر الشمالي ـ الجنوبي الذي يربط الخليج الفارسي وبحر عمان ببحر قزوين وروسيا، يغير معادلات التجارة الإيرانية. وعلى الرغم من أن أداء معظم الموانئ الشمالية تراجع خلال الأربعة أشهر الأولى من هذا العام، إلا أنه يمكن تنشيط اقتصاد هذه المنطقة من خلال الاستفادة من هذا الطريق الاستراتيجي

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما»؛ أن أداء الموانئ الشمالية الإيرانية خلال الأربعة أشهر الأولى من عام 1404 (2025) أظهر اتجاهات متفاوتة، ويعود جزء من هذا الأداء إلى تفعيل قدرات ممر الشمال ـ الجنوب الدولي. هذا الممر الاستراتيجي يربط الهند ودول الخليج وبحر عمان بروسيا وشمال أوروبا عبر إيران، وبمعنى آخر، يربط البحر الجنوبي لإيران ببحر قزوين ومن هناك إلى قلب أوراسيا، ما يمكن أن يعيد تعريف خارطة النقل الإقليمي.
تراجع الأداء العام للموانئ الشمالية / نمو كاسبين
وفقًا للإحصاءات، شهدت عمليات التفريغ والتحميل في الموانئ الشمالية (أميرآباد، أنزلي، نوشهر، فريدونکنار، آستارا) انخفاضًا خلال الأربعة أشهر الأولى مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث انخفضت الواردات بنسبة 43٪، بينما ارتفعت الصادرات بنسبة 11٪، ما ساعد على تحقيق توازن جزئي.
ويظهر الجدول أن التفريغ والتحميل في أميرآباد انخفض بنسبة 28٪، وفي نوشهر حوالي 40٪، وفريدونکنار حوالي 50٪، بينما شهد ميناء كاسبين نموًا بنسبة 26٪، مع ارتفاع الصادرات بنسبة 211٪ تقريبًا.
أوضح المصدر أن ميناء أميرآباد، أكبر الموانئ الشمالية، سجل ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 1٪ في الصادرات وانخفاضًا بنسبة 42٪ في الواردات، بينما سجل فريدونکنار انخفاضًا بنسبة 80٪ في الواردات، وميناء أنزلي ارتفاعًا محدودًا بنسبة 6٪ في الصادرات فقط. أما كاسبين فقد أظهر نموًا ملحوظًا في جميع العمليات، ما يشير إلى أثر مباشر لتفعيل أجزاء من ممر الشمال ـ الجنوب.
تأثير ممر الشمال ـ الجنوب على أداء الموانئ
يشير الخبراء إلى أن كاسبين استفاد بشكل كبير من الممر الجديد، مما سمح بتدفق البضائع إلى بحر قزوين وزيادة حصة الصادرات والترانزيت. ويُعتبر هذا النموذج دافعًا لبقية الموانئ الشمالية للاستفادة من الفرص نفسها، شريطة تعزيز بنيتها التحتية وقدرتها على استيعاب البضائع العابرة.
التحديات القائمة على مسار الشمال ـ الجنوب
رغم الإمكانات الكبيرة، لا يزال الممر يواجه تحديات، أهمها غياب الجدولة الدقيقة لوصول الشحنات إلى الوجهة، وضعف التنسيق بين الجمارك والجهات المعنية، ما يبطئ عملية النقل. ومن الضروري إنشاء مسار مخصص للترانزيت في الموانئ الشمالية لتسهيل حركة البضائع العابر بسرعة وكفاءة.
تركيبة البضائع وضعف الترانزيت الحاويات
أظهرت بيانات البضائع أن نحو 2.5 مليون طن من السلع الأساسية تم تفريغها وتحميلها، بينما بلغت حصة الحاويات نحو 20 ألف طن فقط، وبلغت السلع الأخرى حوالي مليون طن. وأظهرت البيانات انخفاضًا في عمليات التفريغ والتحميل الحاوي في أنزلي، نوشهر، أميرآباد وكاسبين، مما يعكس ضعفًا في تطوير ترانزيت الحاويات.
ضرورة التنسيق الإقليمي وتطوير البنية التحتية
يقع مشروع ممر الشمال ـ الجنوب في المناطق الحرة لأنزلي ومازندران، ويمكن أن يلعب التعاون الإقليمي دورًا مهمًا في تحسين الأداء. ومن الضروري استكمال المشاريع الأساسية مثل طرق الوصول، وبناء المخازن الباردة، وتطوير المناطق الخلفية، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات تعاون مع موانئ روسيا وكازاخستان لتقليل تكاليف النقل وجذب شركات النقل الدولية الكبرى.
يُظهر أداء الموانئ الشمالية خلال الأربعة أشهر الأولى انخفاضًا واضحًا باستثناء كاسبين، التي استفادت بشكل مباشر من الممر. ويعتبر هذا النموذج بمثابة إنذار للموانئ الأخرى للاستفادة من الفرص التاريخية من خلال تحسين البنية التحتية وتعزيز التنسيق.
إذا لم يتم حل مشكلات مثل غياب الجدولة الدقيقة، وضعف التنسيق الجمركي، وغياب مسار مخصص للترانزيت، فقد تفقد إيران فرصة تثبيت موقعها كمحور ترانزيت جنوب ـ شمال، بينما يمكن لهذا الممر، إذا أُدار بشكل ذكي، أن يكون محركًا لموانئ الشمال وبوابة لتعزيز حصة إيران في التجارة الإقليمية والدولية.
المصدر: تسنيم