تجارة ترامب بجثة كيرك
الهزيمة في الحرب الجمركية مع الصين، والفشل في حرب غزّة، والارتباك إزاء ملفّ الحرب في أوكرانيا، والعجز عن تحقيق رضا اقتصادي بالحدّ الأدنى داخل الولايات المتحدة، هي قضايا يحتاج ترامب إزاء كلّ واحدة منها إلى تشتيت انتباه الرأي العام.

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما»؛ تشارلي كيرك، أحد أبرز الداعمين للإبادة الجماعية في غزّة داخل الولايات المتحدة وأحد الشركاء الانتخابيين المهمّين لترامب، لقي حتفه بينما كان مشغولاً بالدفاع عن جرائم ووحشية الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين. إن اغتيال كيرك يُعدّ إشارة واضحة على نهاية صبر شعوب العالم تجاه داعمي الشيطان.
وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية التي تبرّر بوقاحة مجازر عشرات آلاف الأطفال والنساء الأبرياء الفلسطينيين بوصفها “دفاعاً مشروعاً” للصهاينة، تقف اليوم مذهولة وهي تنعى أحد بيادق لعبة الشيطان! غير أن تصريحات ترامب حول تشارلي كيرك تكشف أنه، بغضّ النظر عن خلفية هذا الاغتيال، يسعى لاستغلال جثة كيرك كورقة رابحة في الانتخابات النصفية للكونغرس.
ففي رسالة مصوّرة، اتّهم دونالد ترامب وسائل الإعلام واليساريين المتطرّفين بالمسؤولية عن مقتل كيرك، قائلاً: “الإعلام واليساريون المتطرّفون شيطنوا كل من يختلف معهم، وتصريحاتهم مسؤولة بشكل مباشر عن الإرهاب الذي نشهده في البلاد”.
ويقصد ترامب باليساريين المتطرّفين أولئك الذين فضحوا طبيعة الكيان الصهيوني أو أدائه في حرب غزّة عبر مختلف أنحاء الولايات المتحدة وطالبوا بوقف الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. ترامب يرى في اغتيال كيرك فرصة لتصعيد لعبة “الوصم” و”إلقاء التهم” كمدخل لتجاوز أزماته المتفاقمة في الداخل والخارج.
تجدر الإشارة إلى أن شعبية ترامب تراجعت مؤخراً في استطلاعات الرأي العام إلى نحو 35%، وهو أدنى مستوى منذ عودته إلى البيت الأبيض. في المقابل، رحّب الديمقراطيون بهذا التراجع واعتبروه أهم ورقة لاقتناص النصر في الانتخابات النصفية المقبلة عام 2026. غير أن ترامب، بمنطقه النفعي المعتاد تجاه الأحداث والتطورات السياسية والاجتماعية، يخطّط لاستثمار مقتل كيرك إلى أقصى حد لصالح الحزب الجمهوري.
من المؤكد أن ترامب لن يُفوّت هذه الفرصة بسهولة! فالهزيمة في الحرب الجمركية مع الصين، الفشل في حرب غزّة، الارتباك إزاء ملف أوكرانيا، والعجز عن تحقيق رضا اقتصادي أدنى داخل الولايات المتحدة، كلّها ملفات يحتاج ترامب في كل منها إلى تشتيت انتباه الرأي العام.
وأفضل ذريعة لهذا التشتيت، ومن ثم قيادة حرب إدراكية في إطار “المقصرية” و”الوصم”، ستكون حادثة اغتيال كيرك. وخلال الأيام وربما الأشهر المقبلة، ستدخل هذه اللعبة مراحل أكثر تعقيداً. فترامب ليس بالشخص الذي يترك فرصة سياسية كهذه تفلت من يده!