مقالات الرأي

المحور السادس: اليمن، قلب جنوب غرب آسيا: القدرات الاستراتيجية للمعارك القادمة «الجزء الثالث»

✍️ القسم السياسي:

 

♦️ استكشاف الإمكانات العسكرية والجغرافية والشعبية الكامنة

✦ اليمن… قوة صامتة لم تُستَخدَم بعد بكامل طاقتها

تفكيك قدرات الكامن في الجغرافيا البشرية وميدان المعركة

بين الجبال والسواحل، وبين الإرث الجهادي والعقيدة الثورية، تمتلك اليمن ترسانة ثلاثية لا تزال لم تتجلَّ كل أبعادها بعد: قدرات عسكرية لم تُكشف بالكامل، وخصائص جغرافية تحولت إلى مخازن استراتيجية، وقوة بشرية عقائدية قادرة على خوض حروب طويلة على محاور متعددة.

خلال العدوان الصهيوني ـ الأمريكي الأخير على الجمهورية الإسلامية، عرضت اليمن جزءًا ضئيلاً فقط من طاقتها، لكن ما بقي في الظل يفوق بكثير ما بُيّن، ويُعدّ من أكثر أدوات الردع فاعلية في جنوب غرب آسيا.

✦ أولاً: القدرات العسكرية الكامنة… هدوء ما قبل العاصفة

أنصار الله اليوم ليست حركة مقاومة فحسب، بل نواة لجيش عقائدي مستقل بقدرات إنتاجية وهجومية متطورة. ما لم يُستخدم بعد أثار تساؤلات جدية في الأوساط الاستخباراتية الغربية. نورد هنا بعض جوانب هذا الاحتياطي:

▪ منظومات صواريخ كروز خفيّة لم تُجرَ عليها تجارب علنية ▪ منصات إطلاق متحركة تحت أرضية قادرة على الإطلاق من الجبال أو السواحل ▪ ألغام بحرية ذكية لا تستطيع الرادارات التقليدية رصدها ▪ قوارب انتحارية بدون طاقم مبنية على تقنيات ذكاء اصطناعي محلية ▪ وحدات نخبوية مدرَّبة على مهاجمة السفن والمنشآت البحرية المعادية

كل ما ذُكر ليس ادعاءً نظريًا فحسب، بل مؤشرات استُمدّت من مناورات خاصة للقوات اليمنية أو من وثائق عسكرية سعودية تسربت بعد هجمات سابقة.

✦ ثانياً: جغرافيا اليمن… مسرح حربي إلهي

لا تقارن أرض بمثل تعقيد طبيعة اليمن وحساسية موقعه. تتوفر في اليمن الميزات التالية:

▪ قمم جبلية تعجز أكثر المدرعات تطورًا ▪ كهوف طبيعية مناسبة للتخزين والتمويه والنقل تحت الأرض ▪ مضايق بحرية يمكن إغلاقها بقرار سيادي ▪ جزر وموانئ قابلة للتحصين والتحويل إلى قواعد هجومية أو دفاعية

من باب المندب إلى سقطرى، ومن الحديدة إلى المهرة، لدى صنعاء القدرة على التحكم في ثلاثة ممرات بحرية حيوية في المنطقة: مضيق باب المندب (المدخل الجنوبي للبحر الأحمر)، خليج عدن (الطريق نحو المحيط الهندي)، ومثلث الحدود مع عمان والسعودية (منطقة تماس إقليمية معقّدة).

كل شبر من هذه الجغرافيا قد يتحول إلى جبهة مستقلة أو مخزون تهديد جاهز للاشتعال عند الحاجة.

✦ ثالثاً: العنصر البشري في اليمن… سلاح لا مثيل له

ما لا يملكه العدو ولا يستطيع إدخاله أو تقليده هو الإنسان العقائدي الذي تفتحَّب في أحضان الحصار والجوع والنضال من أجل الإيمان والثبات.

▪ أكثر من ٢٥٠ ألف مقاتلٍ عقائدي جاهزون للانتقال من الجبهة الداخلية إلى الساحات الإقليمية ▪ كتائب قتالية تلقت تدريبات قتالية ونفسية منذ الطفولة في ظلّ العدوان ▪ نظام تعبئة شعبي قادر على إنتاج مقاومة جديدة كلما تعرّضت جبهة للضرب ▪ طبقة من العلماء والإعلاميين توفر عمقًا ثقافيًا راسخًا لخوض حروبٍ طويلة المدى

هذا المجتمع، رغم كل الدمار الذي لحق به، لم ينهَدم داخليًا بل أصبح أكثر تماسكًا وتكيّفًا، وهذا ما يجعله مخزونًا بشريًا لا ينضب وقابلاً للتجديد.

✦ من الإمكان إلى الفعل… متى تتحرك اليمن بكامل طاقتها؟

جميع القدرات المذكورة لا تزال في حالة انتظارٍ استراتيجي. حتى الآن، استخدمت صنعاء جزءًا محدودًا من القوة الصاروخية، وجزءًا أقل من القوة البحرية، وحضورًا رمزيًا خارج الحدود.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى