القسم السياسي

“الجيش المصري في سيناء: صمود وسيادة بين التطورات الإقليمية والتهديدات المحتملة”

✍️حوراء المصري:

 

برزت مؤخراً على الساحة الإقليمية تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي كانت واضحة وصريحة بشأن تصرفات الكيان الصهيوني في الآونة الأخيرة، حيث أكد أن هذا العدو يحاول جاهدًا الإطاحة بأي اتفاقية سلام عُقدت قديمًا، مما يجعل المنطقة أمام تهديدات واسعة تطال الأمن والاستقرار.

 

لم يكتفِ عبد الفتاح بالتأكيد على أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، بل بيّن كذلك أهمية تعزيز التواجد العسكري في سيناء لحماية الأمن القومي المصري. إن هذه التصريحات فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات عدة: ففي ظل العدوان على إيران وقصف الدوحة، كيف تتغير المعادلات الإقليمية؟ وهل يقترب عهد معاهدة السلام من مرحلة حرجة؟

 

لذا، لفهم هذا الأمر يجب الاطلاع أكثر على الأوضاع الإقليمية التي طرأت على الساحة في الآونة الأخيرة.

 

“الأمن الإقليمي: بين الانهيار والاستقرار”

 

شهدنا في الآونة الأخيرة تطورات عدة على الساحة الإقليمية، فما أقدم الكيان على فعله شكّل خوفًا كبيرًا للأمن الخليجي والإقليمي ككل. فقصف الدوحة بيّن بوضوح إلى أي مدى وصل الكيان من جرأة واعتداء سافر على قادة حماس في قلب العاصمة القطرية. إن للدور المصري أهمية كبيرة في هذا الأمر، فمصر تعمل على ضبط التوازنات بين القوى الإقليمية والكيان، وقد أوضحت ذلك في تصريحاتها الأخيرة.

 

إن التضييقات والعدوان على الجمهورية الإسلامية عزّزا فكرة القوة الاستراتيجية لمصر، فهي قادرة على الدفاع عن الأمن الإقليمي كونها تمتلك علاقات متوازنة.

 

لم تكتفِ مصر بالتصريحات والتنديدات، بل اتخذت خطوة مهمة جعلت الكيان ينسج أفكارًا ومخاوف من الوضع الإقليمي. فعبر تعزيزها القدرات العسكرية في سيناء، عملت على تحصين الأمن القومي ومواجهة أي تهديدات محتملة.

 

“سيناء: تواجد عسكري مضاعف”

 

في الأيام الأخيرة، شهدت سيناء تعزيزًا كبيرًا في التواجد العسكري، تزامن مع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اعتزامه تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن. إلا أن البيان الصادر عن مصر أكد حقيقة هذا الانتشار، فهو لتعزيز الأمن القومي وحماية حدود الجمهورية المصرية من أي تهديد مستقبلي. لقد لعب هذا الأمر دورًا مهمًا في الحفاظ على سيناء والمناطق الحساسة القريبة من الكيان.

 

كانت هذه الخطوة المصرية تحمل العديد من الرسائل، أبرزها أن مصر قادرة على فرض سيادتها بالكامل وحماية أرضها دون خوف من أي تهديد محتمل من الاحتلال.

 

هذا الأمر جعل الكيان الصهيوني يعمل جاهدًا ويطلب المساعدة من الولايات المتحدة، واصفًا أن مصر انتهكت معاهدة السلام الموقعة عام 1979. لم يكتفِ الكيان باتهام مصر بانتهاك السلام، بل أكد أنها تقوم ببناء بنية تحتية عسكرية هجومية في سيناء، فضلًا عن مزاعم تفيد بنقل أسلحة ثقيلة إلى مناطق منزوعة السلاح بحسب اتفاقية كامب ديفيد. كل هذه الاتهامات سُلّمت بشكل رسمي إلى وزير الخارجية الأمريكي عند زيارته نتنياهو. إلا أن الجدير بالذكر أن الكيان يتحدث عن الانتهاك بينما هو نفسه انتهك الاتفاق في محور فيلادلفيا وموراج.

 

يمارس الكيان حربًا إعلامية مكثفة على مصر، فيسرّب صفقات سلاح تخص القدرات الجوية ويستخدمها كأداة ضغط معنوي وسياسي على القاهرة. فتأجيج التقارير الإعلامية بشأن هذا الأمر يجعل أي عدوان يطال القاهرة يُفسّر بطريقة منطقية أمام المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة.

 

اليوم، ومن خلال كل هذه التطورات، يظهر أن واشنطن لم تعد وسيطًا، بل أصبحت طرفًا ضاغطًا على مصر لصالح العدو الغاصب.

 

“خوف يافا المحتلة من التعزيز المصري للقدرات العسكرية”

 

تصاعدت مخاوف يافا المحتلة جراء التعزيز الحاصل في سيناء، حيث كثفت مصر الوجود العسكري على حدودها مع الكيان الصهيوني. هذه الخطوة جعلت الكيان يدرك أن قواعد اللعبة قد تتغير في أي لحظة، بعدما كان يعتقد أن عقده اتفاقية سلام مع بعض الدول العربية، ولا سيما مصر، سيضمن له عدم تدخلها فيما يقوم به من انتهاكات.

 

نقلت القناة 12 العبرية عن مسؤولين عسكريين أفادوا بأن الحشد العسكري الذي تقوم به مصر في سيناء أصبح نقطة توتر كبيرة بين يافا المحتلة والقاهرة، فضلًا عن استمرار الحرب على غزة، مما يفتح المجال أمام مواجهات أوسع.

 

يمكن القول إن هذا الحشد العسكري قيد حرية الكيان في الحركة والسيطرة الاستراتيجية على سيناء، مما يعيق عملية تهجير الغزّاوين إلى سيناء.

 

نرى أن يافا المحتلة سارعت إلى تقديم بيان يذم هذا الحشد، آخذة معاهدة السلام كذريعة لإدانة مصر. لذا، يطرح السؤال نفسه هنا: هل مستقبل معاهدة السلام في خطر؟

 

“مصير معاهدة السلام بين مصر والاحتلال”

 

اليوم، تشهد معاهدة السلام التي عُقدت بين مصر والكيان  بوساطة أمريكية حالة من عدم الاستقرار. فيمكن القول إن السلام قد يتحول إلى حرب طاحنة في أي وقت، ولا سيما في الأيام المقبلة. فالكيان يحاول جاهدًا جعل أمريكا تضغط على مصر لتسحب الحشد العسكري وتعود عن خطواتها الأمنية في سيناء.

 

إلا أن أمر نشوب حرب بينهما يبدو بعيدًا نوعًا ما، كون مصر قادرة على الحفاظ على السلام وفي الوقت ذاته حماية أمنها وحدودها من الاعتداءات أو التهديدات المستقبلية. ولا سيما بعد استهداف الدوحة، الذي زرع الدافع لدى مصر لتعزيز وجودها وقدراتها العسكرية في سيناء والمناطق الحساسة التي قد تؤثر سلبًا على أمنها القومي.

 

السيناريوهات المحتملة التي قد تطرأ على الساحة: أولًا، تغيير بنود معاهدة السلام وتعديلها بما يخدم مصالح مصر ويحفظ أمنها. ثانيًا، إعادة فتح أبواب التفاوض ووضع شروط جديدة. كذلك قد تأخذ الأمور منحًى آخر، كاندفاع مصر لتعزيز وجودها أكثر وفتح جبهتها من جديد بعد سنوات من السلام مع الكيان.

 

“مصر قوة ردع استراتيجي”

 

بعد أن رأينا مخاوف الكيان الصهيوني من بعض الانتشار العسكري، الذي يُعد أمرًا اعتياديًا لتعزيز الأمن القومي المصري، يتضح أن مصر تُعد لاعبًا أساسيًا في عملية الردع الاستراتيجي، لا مجرد أداة دفاعية. فدورها في الحفاظ على التوازن الإقليمي رغم التصعيدات زاد من أهميتها كدولة رادعة، رغم السلام بينها وبين الكيان.

 

إلا أنه، ورغم قوتها الاستراتيجية والسياسية، قد تواجه مصر في الفترات المقبلة محاولات لزعزعة أمنها الداخلي من قبل أمريكا والاحتلال، فضلًا عن مواجهة بعض التدخلات من العدو في المناطق الحدودية الحساسة جدًا.

 

في نهاية المطاف، إن وجود الجيش المصري في سيناء هو دلالة واضحة على سيادة مصر وقدرتها على الردع الاستراتيجي. ففي ظل القصف على الدوحة والعدوان على إيران، ومع تهديدات العدو المستمرة والمتجددة دائمًا، تصبح كل التحركات المصرية إشارة إلى أن الأمن القومي خط أحمر، وأن معاهدة السلام ليست عائقًا أمام حماية السيادة الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى