تهديد أم فرصة؟ دراسة مخاطر العملات الرقمية للبنوك المركزية على الاستقرار المالي
العملة الرقمية للبنوك المركزية هي جيل جديد من المال تم تقديمه بهدف زيادة الشفافية والسرعة وتقليل التكاليف المالية. ومع ذلك، إذا تم تصميمها وتنفيذها بشكل غير صحيح، فقد تشكل تهديداً للنظام المصرفي والاستقرار المالي.

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما»؛ حذّر صندوق النقد الدولي في تقريره الجديد بعنوان «العملة الرقمية للبنك المركزي والاستقرار المالي: تحليل الميزانية وخيارات السياسات» من أن إصدار العملة الرقمية من قبل البنوك المركزية (CBDC) قد يؤثر بشكل كبير على ميزانيات البنوك المركزية والتجارية، وأن تصميمها غير الدقيق قد يهدد الاستقرار المالي، بينما يمكن للتصميم الذكي أن يخفف من هذه المخاطر.
الخطر الأول هو تحويل الودائع من البنوك التجارية إلى محافظ العملة الرقمية للبنك المركزي. فإذا قام الأفراد والشركات بسحب ودائعهم من البنوك وإيداعها في العملة الرقمية، ستفقد البنوك أحد أهم مصادر تمويلها، مما يجبرها على الاعتماد على مصادر تمويل مكلفة أو الاقتراض بين البنوك.
إذا اقتصرت العملة الرقمية على استبدال النقد الورقي فقط، سيكون الأثر محدودًا، لكن إذا أصبحت أكثر جاذبية من الودائع البنكية، سيزداد الضغط على البنوك وتضعف قدرتها على الإقراض.
الخطر الثاني يتمثل في «الهروب الرقمي للودائع» أثناء الأزمات المالية. ففي أوقات الاضطراب، يمكن للمودعين تحويل أموالهم بسرعة إلى العملة الرقمية الآمنة، مما يعجّل من أزمة السيولة. وتزداد خطورة هذا السيناريو إذا كانت العملة الرقمية تقدم فوائد أو لم يتم تحديد سقف لحيازتها.
الخطر الثالث هو ارتفاع تكلفة تمويل البنوك واضطراب الوساطة المالية. ومع فقدان الودائع، ستضطر البنوك إلى البحث عن مصادر تمويل أكثر كلفة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة على القروض وتقليل فرص الحصول على الائتمان.
ولمواجهة هذه المخاطر، يقترح صندوق النقد الدولي عدة سياسات احترازية، منها:
-
تحديد سقف لحيازة أو حجم المعاملات بالعملة الرقمية.
-
عدم منح فوائد تنافسية على العملة الرقمية لتقليل جذب الودائع.
-
استخدام أدوات الرقابة الكلية الاحترازية للحد من سرعة انتقال الأموال بين البنوك والعملات الرقمية أثناء الأزمات.
-
تعزيز قدرة البنك المركزي على إقراض البنوك التجارية عند تعرضها لأزمة سيولة.
كما يجب أن يتركز تصميم العملة الرقمية على دورها كـ وسيلة للدفع وليس أداة لتخزين القيمة، أي لتسهيل المعاملات اليومية وليس لتحويل رؤوس الأموال الكبيرة.
وفي الختام، يرى صندوق النقد الدولي أن العملة الرقمية للبنوك المركزية ليست تهديدًا مباشرًا بل تحديًا خفيًا، يمكن أن يزعزع الاستقرار المالي إذا لم تُصمّم وتُدار بشكل جيد، لكنها في الوقت نفسه قد تمثل فرصة لتعزيز الشفافية والكفاءة في الأنظمة المالية الحديثة.