الجزء الرابع: سليماني والمرجعية – رابط خاص مع النجف وقم وطهران (الجزء الرابع)

القسم السياسي:
الحاج قاسم سليماني وتطوير وإعمار العتبات المقدسة: مهمة تتجاوز ساحات القتال
عندما يذكر اسم اللواء قاسم سليماني، يتذكر معظم الناس بطولاته في ساحات القتال ضد داعش وأعداء الإسلام في العراق وسوريا ولبنان؛ رجل لا يكل، ذو نظر ثاقب وحضور مستمر على خطوط المواجهة. إلا أن القليلين يتحدثون عن دوره الفريد والتاريخي في إعادة إعمار وتطوير العتبات المقدسة، وهو ميدان عاشه بكل جوارحه كما لو كان ساحة معركة، بل أعمق.
بينما يقتصر اهتمام العديد من القادة العسكريين على الحرب والأمن، كان سليماني يرى أيضًا الأبعاد الثقافية والدينية للنضال. وبفهمه العميق لمكانة العتبات المقدسة في قلوب الشعوب، كان يدرك أن إعادة إعمار هذه الأماكن ليست مجرد حفظ للتاريخ والدين، بل إحياء لهوية الأمة.
منذ بدء مواجهة داعش، كان أحد اهتماماته الرئيسية الحفاظ على مرقد أهل البيت عليهم السلام وترميمه، إذ كانت هذه الأضرحة في مرمى هجمات التكفيريين. لكن الحاج قاسم تجاوز مجرد الدفاع، وسعى لإحياء الروحانية في قلب المناطق المنكوبة بالحرب، ليترك بعد انتهاء الحرب رموزاً للنور والحضور والأمل بدلاً من الدمار.
لم ير سليماني إعادة إعمار العتبات كمشاريع إنشائية أو أعمال رمزية فقط، بل اعتبرها جزءاً من إعادة بناء «الهوية التاريخية والدينية للأمة». كان يعتقد أن العتبات تمثل الهوية الروحية للشيعة ومحور وحدة شعوب المنطقة، لذلك كانت كل عملية إنشاء خطوة نحو إحياء الأمة الإسلامية وتعزيز الروابط العاطفية والفكرية مع أهل البيت عليهم السلام.
أسس الحاج قاسم «ستاد إعادة إعمار العتبات» بعد أن شاهد الخراب في مرقد الإمام علي (عليه السلام) في النجف. وبمساعدة المتطوعين والفنانين والمهندسين والقوى الجهادية، بدأ الستاد أكثر من 150 مشروعًا لإعادة الإعمار والترميم والتطوير، بما في ذلك بناء صحن السيدة فاطمة زهرا (سلام الله عليها) بمساحة تزيد عن 220 ألف متر مربع، وتوسيع صحن السيدة زينب (سلام الله عليها) وتطوير العتبات الأخرى. حتى في ذروة التهديدات الأمنية، كان سليماني يصر على استمرار الإعمار باعتباره حماية لهوية وإيمان الشعب.
وأثناء هجمات داعش، لم يقتصر دور فرق الستاد على البناء فحسب، بل دافعوا عن المقدسات في الخطوط الأمامية. وتدخل سليماني شخصيًا في لحظات حاسمة، مثلما حدث عند اقتراب داعش من أربيل، حيث أدى وصوله وحده إلى فرار العديد من عناصر التنظيم.
علاوة على ذلك، خلال الفيضانات الأخيرة في إيران، تحركت فرق الإغاثة التابعة لستاد إعادة إعمار العتبات بسرعة تحت توجيهات سليماني، ووزعت أكثر من 7.5 ملايين وجبة ساخنة، إضافة إلى خدمات مثل تنظيف السجاد وإصلاح الأجهزة الكهربائية والمركبات. وقد أشاد قائد الثورة الإسلامية بهذه الجهود الإنسانية.