مقالات الرأي

النفايات والبيئة

إن انبعاث الغازات السامة وتراكم النفايات يؤثران بشكل كبير على صحة الإنسان والنظم البيئية والعديد من أنواع الحيوانات. تتناول هذه المقالة أهم القضايا المتعلقة بعلم الجريمة البيئية العالمي، مع التركيز على نطاقها الواسع وتأثيراتها على مستوى العالم.

✍️الدكتور غلام‌حسين بياباني؛ أمين جمعية تنمية دراسات العلوم والابتكار التحقيقي في إيران

 

يُعَدّ إنتاج النفايات والتخلّص منها مسألةً جوهريةً بالنسبة للباحثين الأكاديميين المهتمين بالقضايا المتعلقة بالأضرار البيئية. تشير التحليلات المنهجية في هذا المجال إلى أن العديد من الدراسات ترتبط بمفهوم العدالة البيئية.

علاوةً على ذلك، تُتابَع النقاشات الحالية حول التخلص من النفايات من قبل المنظمات غير الحكومية وهيئات الأمم المتحدة، باعتبارها قضايا ترتبط بالظلم البيئي. تركّز هذه الدراسات على مشكلاتٍ مثل النمو الهائل للنفايات الإلكترونية الناتجة عن ثورة الميكروشرائح، وكيف تُدفن أجهزة الحاسوب القديمة وأجهزة التلفاز وغيرها من المنتجات الإلكترونية في مناطق مثل أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

تتسبّب عمليات نقل النفايات الخطرة، سواء القانونية أو غير القانونية، بأضرار بيئية واجتماعية، ويتحمّل الفقراء والفئات الضعيفة من سكان العالم العبء الأكبر منها. ومع تسرب المواد السامة إلى مناطق محددة، تتدمّر النظم البيئية هناك، وتتعرض صحة الإنسان والحيوان للخطر.

يرتبط إنتاج النفايات بالتنمية. فالنظام الرأسمالي يسعى دائماً إلى تحويل الأشياء من قيمة استعمالية إلى قيمة تبادلية، ويمتد هذا المنطق حتى إلى الطبيعة. ونتيجةً لذلك، تصبح جميع جوانب الحياة الإنسانية عرضةً للتحوّل، إذ يسعى رأس المال إلى تسليع جميع أشكال النشاط والحاجات البشرية.

فعلى سبيل المثال، ما كان يُعدّ في الماضي «مجّانياً» يُباع اليوم للمستهلكين بثمنٍ (مثل المياه المعبأة في زجاجات). وأصبح الاستهلاك الفعّال في خدمة الإنتاج، بحيث تُوجَّه أنشطة المستهلكين وقراراتهم وفقاً لما يُنتَج وكيف يُنتَج. ومع ذلك، فإن الإنتاج يجد قيمته من خلال هذه الأنشطة الاستهلاكية ومن خلال الأطر الثقافية المتغيرة باستمرار لأنماط الاستهلاك.

والنتيجة الواضحة لنظامٍ متوسّع قائم على الإنتاج والاستهلاك المتزايدَين هي ازدياد الضغط على الموارد غير المتجددة في العالم. إن التنافس الرأسمالي العالمي وما ينتج عنه من نفايات يخلّف آثاراً عميقة على البيئة والإنسان والحيوان، في شكل تلوثٍ ومستوياتٍ مرتفعة من السمّية في الهواء والماء والتربة. وتشكّل هذه العمليات تهديداتٍ خطيرة للتنوّع البيولوجي.

وفي قلب هذه العمليات ثقافةٌ سياسيةٌ لا ترى مشكلةً في فكرة أن الاستهلاك المادي المتواصل ممكنٌ دون أن يلحق ضرراً جوهرياً بالمجال الحيوي. وغالباً ما تُترجم المنفعة إلى تسليعٍ، وهو ما يعني بطبيعته كمياتٍ هائلة من النفايات والتلوث.

في الجوهر، يرتبط الإنتاج بالتدمير ارتباطاً متبادلاً. فالنفايات هي في الوقت نفسه ناتجٌ جانبي للإنتاج وبقايا للاستهلاك. وتُحدَّد المواد الخام المستخدمة في إنتاج السلع وتقديم الخدمات في الأساس من قبل المنتجين لا المستهلكين النهائيين، وهو ما ينطوي على استغلال البيئات والإنسان والحيوان على حدّ سواء.

وبالمثل، تُحدَّد النفايات، سواء كانت ناتجة عن الإنتاج أو عن الاستهلاك، في نهاية المطاف داخل عملية الإنتاج ذاتها وفقاً لمبدأ الربحية. فعلى سبيل المثال، تغري العبوات البلاستيكية المستهلكين بالشراء، لكنها تتحول لاحقاً إلى جزءٍ من النفايات التي يجب التخلص منها.

هناك العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بنقل وتخزين والتخلص من النفايات والملوّثات. ويصرّ علم الجريمة البيئية العالمي في دراسته للنفايات والملوّثات على التحليل الشامل لهذه المشكلة، مركزاً على مفهوم «الضرر» بوصفه المفهوم المركزي بدلاً من «الجريمة».

من الضروري تجاوز العلاقة القانونية/غير القانونية من أجل فهم الكيفية العملية لهذا الضرر، وإنْ ظلّت تلك العلاقة مهمةً للتحليل. ولتفهم معنى النفايات، يجب أن نعرف من أين تأتي وإلى أين تذهب. وفي هذا السياق، يُعَدّ تحليل دورة الإنتاج أمراً بالغ القيمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى