القسم السياسي
متى تكتمل رسالة الدم والبارود؟ (١) من (٢)

مجاهد الصریمي صنعاء
خلف دخان الضجيج الفارغ، وأبخرة الكلمات المنطلقة في فضاء الإعلام، من أقلام مهزوزة، وألسنة مليئة بالعقد، وأفكار موحية بالتصحر الذهني، والجفاف الروحي لمَن صدرت عنهم؛ نزوعٌ ثوريٌ نحو ضرورة تبديد كل هذه المظاهر الحاجبة للرؤية الثاقبة، والفكر الشامل المبدع الخلاق، والحركة الفاعلة بإيجابية في مختلف ميادين العمل، لاسيما ونحن خارجون للتو من جولة من جولات الصراع مع (الكيان الصهيوني اللقيط) و(أميركا الشيطان الأكبر) وكل منظومة الشر والهيمنة الاستكبارية بأصيلها ووكيلها، ورأسها وأذنابها وأحذيتها غرباً وشرقاً، وكنا مع ثلة من الأحرار في سفينة الطوفان، نقود معركة (الفتح الموعود والجهاد المقدس) وخرجنا معاً إلى جزيرة تحيط بها التهديدات من كل الجهات، الأمر الذي يجعلنا نتيقن: أنها مجرد استراحة، تسترد بها الأنفاس، وتستعاد الطاقات لاستئناف رحلة الصراع حتى بلوغ شط النصر والتحرير.
إننا كمحور مقاوم من صنعاء إلى بغداد، ومن غزة إلى طهران؛ مطالبون بالكثير الكثير من البذل للجهد من أجل البناء لمؤسسات فكرية وأدبية وإعلامية واجتماعية قوية وقادرة، تكون بمستوى القوات المسلحة وأجهزة الأمن والاستخبارات، لأن المبادئ الحقة، والقيم الفضلى، والثوابت والمسلمات الدينية والإنسانية والوطنية لا يكفي لتجذيرها، وتعزيز بقاءها ونموها واستمراريتها بذل الدم والبارود؛ بل لا بد للمداد أن يكون حاضراً مع كل قطرة دم وعرق، كي يترجمهما، ويحفظ آثارهما من المحو، أو النسيان، فالدم الذي لا يوجد له حملة حقيقيين يختفي ويتبخر، وبالتالي تصبح التضحية بلا جدوى، وإن بقي شيء من ذكر لأصحابها فهو مجرد وميض باهت لا يقوى على استنساخ روحية المضحين الشهداء في وجدان الجيل الحاضر، ناهيك عن أجيال المستقبل! ولأن الصاروخ الذي يطلق، والمسيرة التي تجوب الآفاق، فيخترقان معاً كل الحواجز، ليصلا إلى أهدافهما، بحاجة ملحة لإيجاد ما يوازيهما في ساحة الفكر، وميدان الكلمة، فهدف السلاح لا يكتمل إلا حين يتم تحويله من سلاح مادي بحت، إلى وسيلة لاتخاذ آثاره مداخل لإنتاج السلاح الأهم: (السلاح المعنوي) الذي يقول: إن النصر الحقيقي لا يتم إلا حين يتم تصنيع أقلام (فرط صوتية) وخلق ألسن ذات منطق (عابر للقارات) والمذاهب والملل والجغرافيا، بهذا يكتمل النصر، ويصبح كل شيء نور على نور.
نعم؛ ليس كل (محور المقاومة) بمستوى واحد، فثمة مَن تقدم بخطوات في ميدان امتلاك ترسانة (السلاح المعنوي) كالجمهورية الإسلامية، وحزب الله، وثمة متأخرون جداً عن اللحاق بهذين النموذجين، خصوصاً نحن (يمن الأنصار) إذ نعتقد أن الحملات الموسمية في شبكات التواصل تغني عن الأدب والقصة والمسرح والسينما، وأن الإكثار من القنوات التلفزية، والمحطات الإذاعية والصحف التي تسير جميعها برتب واحد، وتتحد رسالتها شكلاً ومضموناً، وتقوم بتقديم مواد وبرامج معينة لأشخاص معينين، هو: السبيل الوحيد للحفاظ على الدين والهوية والمكتسبات الثورية الجهادية، كل ذلك بسبب السطوة الكبيرة للنظرة الفقهية الجامدة التي لم تستفق بعد على الواقع، ولم تدخل إلى العصر بأدواته، فحرمت الواقع من النظرة القرآنية، التي جاءت باسمها، فلما تمكنت حجبتها وانقلبت عليها بكل ما للكلمة من معنى.