مقالات الرأي

القسم السادس: الحقائق الخفيّة والوثائق وراء الكواليس (الجزء الأول)

✍️ القسم السياسي:

 

في هذا القسم، يتم التطرّق إلى الجوانب الأقل شهرة والمخفيّة من نشاطات اللواء قاسم سليماني، القائد السابق لقوة القدس التابعة لحرس الثورة الإسلامية في إيران. ويتضمّن هذا الجزء وثائق حول الاجتماعات السرّية، والمهام غير المعلنة، والدور المحوري الذي أدّاه اللواء سليماني في إدارة الأزمات الإقليمية في العراق وسورية ولبنان، بالإضافة إلى مشاهد لم تُعرض من قبل في وسائل الإعلام. تُقدَّم هذه المواد بشكلٍ مفصّل وشامل استنادًا إلى المصادر المتاحة والتحليلات العميقة.

وثائق الاجتماعات السرّية والمهام غير المعلنة
عُرف قاسم سليماني بلقب «الجنرال الظل»، إذ كان يعمل غالبًا في الخفاء بسبب الطابع السري لعملياته في قوة القدس. كانت لقاءاته مع المسؤولين السياسيين والعسكريين في العراق وسورية ولبنان وحتى روسيا نادرًا ما تُذكر في وسائل الإعلام. وكان الهدف منها تحقيق التنسيق الاستراتيجي وتعزيز محور المقاومة وإدارة الأزمات الإقليمية.

من أبرز الأمثلة على ذلك، زيارته السرّية إلى موسكو عام 2015، حيث التقى – وفقًا للتقارير – بمسؤولين روس كبار، بينهم الرئيس فلاديمير بوتين، من أجل الحصول على دعمٍ عسكريٍّ روسيٍّ لحكومة بشار الأسد في الحرب الداخلية السورية. وقد شكّلت هذه الزيارة نقطة تحوّل في التدخل العسكري الروسي في سورية، وعزّزت موقف حلفاء إيران في مواجهة الجماعات المتمرّدة وتنظيم داعش. وأكّدت تقارير إعلامية غربية، منها تقارير IntelliTimes، أن سليماني لعب دورًا حاسمًا في إقناع الروس بالتدخل، من دون أن تُكشف تفاصيل الاجتماع للعامة.

كما كشفت وثائق مسرّبة من مراسلات ممثّل إقليم كردستان العراق في إيران عام 2013 عن دورٍ حاسمٍ لسليماني في المفاوضات السرّية مع القيادات الكردية. وأظهرت تلك المراسلات، التي نشرتها وسائل إعلام عراقية للمرة الأولى، أن سليماني لم يكن مجرّد قائد عسكري، بل لاعب دبلوماسي بارز في المنطقة. فقد عمل كحلقة وصل رئيسية بين طهران وأربيل وساهم في إدارة العلاقات مع الفصائل الكردية، لا سيّما في مواجهة داعش، ما يدلّ على عمق نفوذه الذي تجاوز في أحيان كثيرة حدود الدبلوماسية الرسمية الإيرانية.

ومن المهام غير المعلنة أيضًا، قيامه بنقل معدات عسكرية إلى سورية. ووفق التقارير، كان سليماني شخصيًا على متن طائرة تحمل «شحنة ممنوعة»، وعندما أوقفها الأمن العراقي في مطار بغداد، تظاهر بأنه مهندس طيران، وتمكّن بمساعدة الطيّار ودفع رشوة للمسؤولين من تجنّب تفتيش الطائرة ومصادرة حمولتها. وتُظهر هذه الحادثة جرأته ومهارته في تنفيذ العمليات السرّية.

تفاصيل عن دور سليماني في إدارة الأزمات في العراق ولبنان
بصفته مهندس الاستراتيجية الإقليمية الإيرانية، لعب قاسم سليماني دورًا لا مثيل له في إدارة الأزمات في العراق ولبنان، ولا سيما في اللحظات الحرجة، من خلال التنسيق مع الفصائل المسلّحة والمفاوضات السياسية والحضور الميداني المباشر.

العراق: إدارة أزمة داعش والاحتجاجات الشعبية
في العراق، كان سليماني شخصية محورية في مرحلتين حاسمتين: مكافحة داعش وإدارة الاحتجاجات الشعبية. ففي عام 2014، حينما سقطت الموصل بيد داعش وتهدّدت بغداد، سارع سليماني إلى تنظيم قوات الحشد الشعبي، المؤلفة من فصائل شيعية مدعومة من إيران، لتشكيل جبهة قوية ضد التنظيم. ووصفه رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي بأنه أحد أهم حلفاء العراق في الحرب على داعش. لم يقتصر دوره على التسليح والتدريب، بل تواجد شخصيًا في جبهات القتال، بما في ذلك في كردستان العراق، للتنسيق مع قوات البيشمركة.

وخلال أحداث 2019 و2020 المتوترة، التي أُشعلت بتحريض من السفارة الأمريكية وشبكات تابعة للكيان الصهيوني وبعض الأنظمة العربية، برز اسم سليماني ليس كمُتدخّل في الشؤون العراقية، بل كناصرٍ للشعب العراقي وحافظٍ لأواصر الأخوّة بين إيران والعراق.
لقد جاء إلى العراق بدعوة من القادة العراقيين لتبادل الخبرات والمساعدة في إحباط الفتن، لا للتدخّل في القرارات الداخلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى