مقالات الرأي

التنمية الاقتصادية واقتصاد الجريمة

✍️الدكتور غلام‌حسين بياباني؛ أمين جمعية تنمية دراسات العلوم والابتكار التحقيقي في إيران

 

كان أهر ليش، أحد علماء الجريمة المعروفين، أول من تناول هذه المسألة بالبحث. فقد أنشأ نموذجًا للمشاركة في الأنشطة غير القانونية، يوضح فيه كيف يقرر الأفراد تخصيص وقتهم بين الأنشطة القانونية وغير القانونية.

وعلى الرغم من أن أبحاثًا نظرية عديدة أُجريت منذ ذلك الحين، فإن معظم نتائج ليش ما زالت تعكس رؤيةً أساسية لهذه المهنة. ويتنبأ نموذجه، باستخدام متوسط الدخل كمؤشر على التنمية الاقتصادية، بأن التنمية تُحدث تأثيرًا غير محدد على معدلات الجريمة.

وبالمقارنة مع المتغيرات الأخرى، حظيت اللامساواة باهتمام أكبر من غيرها. فقد قام تشيـو ومادن مؤخرًا بتوسيع نموذجٍ يُحلل العوامل المؤثرة في معدلات السرقة بتفصيلٍ دقيق.

كما قام غلاسر وساسردوت بدراسة العلاقة بين التمدّن والجريمة، حيث حلّلا إمكانية ارتكاب المخالفات. واستنادًا إلى ذلك، قد تكون المتغيرات الأخرى المرتبطة بالتنمية — مثل التعليم والتنمية المؤسسية — ذات أهمية في تحديد معدلات الجريمة.

يمكن للتعليم أن يُحدث تغييرات في ميول الأفراد أو في سلوكهم المرتبط بالتبليغ عن الجرائم، مما يؤثر في السلوك الإجرامي. كما يمكن للتنمية المؤسسية أن تعزز ثقة الناس في النظام، فتزيد معدلات التبليغ وتجعل سجلات الحكومة أكثر كفاءة.

وعلى الرغم من الاعتقاد بأن جميع هذه المتغيرات تلعب دورًا في تحديد معدلات الجريمة، فإن أهميتها النسبية تبقى مسألة تجريبية. علاوة على ذلك، فإن تأثير التنمية نفسها — الذي يُعدّ من الناحية النظرية غير محدد — ما زال موضع نقاش.

أما الأدلة التجريبية المتعلقة بالعوامل المؤثرة في الاختلافات الإقليمية في معدلات الجريمة، فتركز عمومًا على تأثيرات اللامساواة والتنمية، مثل مستوى الدخل أو مؤشرات الفقر. ونظرًا لأن اهتمامنا يتركز أيضًا على هذين المتغيرين، فإن هذا الاستعراض النظري وجزءًا كبيرًا من المناقشات اللاحقة سيُخصص لهما.

وتشير نتائج العديد من الدراسات إلى محاولات لفهم تأثيرات اللامساواة والتنمية على معدلات الجريمة.

ولا تهدف هذه النتائج إلى تقديم مراجعة شاملة لجميع الأدلة المتاحة أو وصف تفصيلي للتقنيات والاستراتيجيات المستخدمة في الدراسات المختلفة، بل تهدف إلى تقديم صورة عامة للنتائج الرئيسة وكيف يرى علماء الجريمة الوضع الراهن.

إن الأساليب الإحصائية المستخدمة في هذه الدراسات متنوعة إلى حدٍّ كبير، ولذلك اقتصرنا على دراسة وحدات وأبعاد التحليل، وأنواع الجرائم المدروسة، والاستنتاجات النهائية التي توصل إليها الباحثون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى