أخبار إيران

الترحال الصعب، والحياة الحلوة؛ رحلةُ عشائر كرمانشاه القديمة في قلب برد الخريف

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما» تُعَدّ محافظة كرمانشاه، بما تمتلكه من مراعٍ واسعة ومناخٍ متنوع، أحد المراكز الرئيسة للحياة العشائرية في غرب إيران، وتشهد سنويًّا الهجرة التقليدية للعشائر بين مناطق الصيف والشتاء.

المنحدرات الجبلية في زاغروس، والسهول الواسعة، والممرات الطبيعية، تشكل المسار الدائم للعشائر التي تبدأ رحلتها نحو المناطق الدافئة مع بداية البرودة.

غير أن هجرة هذا العام تحمل طابعًا مختلفًا؛ إذ وضعت قلّة الأمطار ونقص الأعلاف وارتفاع تكاليف النقل تحديات جديدة أمام الرُحَّل.

وقد اتخذت المديرية العامة لشؤون العشائر في كرمانشاه منذ أسابيع إجراءات لتنظيم الهجرة، من بينها تأمين الطرق والتنسيق مع الموارد الطبيعية وتوفير الأمن.

ورغم هذه الجهود، يشتكي العشائر من نقص البنية التحتية، وقلة المياه، وغياب أماكن آمنة للمبيت، وارتفاع أسعار الوقود.

الهجرة بالنسبة للعشائر ليست مجرد انتقال للماشية والعائلات، بل هي ارتباط عميق بين الإنسان والطبيعة، يتجلّى في أصوات الرياح والجبال والأنهار.

وتتكرر هذه الهجرة كل عام لتكون رمزًا للصمود والعمل والإيمان بالحياة المتناغمة مع الطبيعة.

وبحسب علي جعفر رضائي، المدير العام السابق لشؤون العشائر، يعيش أكثر من 14 ألف أسرة عشائرية في كرمانشاه يتنقلون بين المراعي الصيفية والشتوية داخل المحافظة أو نحو المحافظات المجاورة.

يتكوّن المجتمع العشائري من 21٪ رُحَّل، و57٪ شبه رحّل، و18٪ رعاة مقيمين، وقد أدّت التغيرات المناخية إلى تحول عدد كبير نحو الرعي المستقر.

وفي السنوات الأخيرة أصبحت الهجرة أكثر اعتمادًا على المركبات، بينما لا يزال عدد محدود من العشائر يسلكون الطرق التقليدية سيرًا على الأقدام مثل طريق دالاهو إلى سرپل‌ذهاب.

تتراوح مسافات الهجرة بين 50 و900 كيلومتر حسب القبيلة، فيما أدى زوال المسارات التاريخية نتيجة التعديات إلى صعوبات كبيرة.

بعض الطرق تضررت، ورغم توفير خدمات الإمداد بالمياه والصحة، تبقى مناطق الشتاء محرومة نسبيًا.

تنتج عشائر كرمانشاه نحو 40٪ من اللحوم الحمراء في المحافظة، إلا أن غياب الأسواق المباشرة يجعل معظم الأرباح من نصيب الوسطاء.

وضعت مديرية شؤون العشائر برامج لتدريب المنتجين على التعبئة والعلامة التجارية والتسويق المباشر ومنح القروض لتقوية قدراتهم الاقتصادية.

غيّر الجفاف وتبدل المناخ توقيت ومسار الهجرة، مما أجبر بعض العشائر على ترك التنقل أو الاستقرار في القرى.

تُنفّذ حاليًا مشاريع لإصلاح المسارات، وإنشاء مخيمات مؤقتة، وبناء خزانات مياه، وتعزيز التأمين على المواشي.

يروي كريم أحمدي، أحد أبناء عشيرة گوران، معاناة الطريق من أمطار مبكرة وصعوبات عبور الأنهار وغياب الأطباء البيطريين، لكنه يؤكد أن الهجرة جزء من هويتهم.

ويتحدث عن بساطة الحياة في الطريق، ودور النساء في إعداد الطعام ورعاية الماشية، والتعليم المتنقل للأطفال خلال الرحلة.

تؤمّن مديرية الطب البيطري في كرمانشاه صحة المواشي من خلال تنفيذ حملات واسعة للتطعيم ضد أمراض مثل الحمى القلاعية والحمى المالطية، بنسبة تغطية تتجاوز 95٪.

وفي الختام، تعكس هجرة العشائر في خريف كرمانشاه صورة حياةٍ قاسية ولكنها مثمرة، لأناسٍ يشكّلون عماد الإنتاج والأمن الغذائي في البلاد، رغم قلة الإمكانات، ولا يطلبون سوى الدعم والبنية التحتية والتعليم وحفظ الهوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى