المحور الخامس: توجيهات القائد الشجاع لأنصار الله أثناء العدوان الاستكباري على إيران الإسلامية «الجزء الثالث»

القسم السياسي:
هذا الحملة التي قادتها القوى الغربية بدعم بعض الأنظمة العربية كانت تهدف إلى إضعاف الثقة النفسية للشعب الإيراني وحلفاء المقاومة. لكن كلمات السيد الحوثي في لحظة حرجة قلبت هذه المعادلة. ففي خطاب ألقاه في 25 يونيو 2025، بعد إعلان وقف إطلاق نار هش بين إيران وإسرائيل، أكد السيد الحوثي: «إيران ليست وحدها… نحن معها وسنقف إلى جانبها بكل قوتنا، لأن هدفنا واحد ومصيرنا مشترك». هذه الكلمات حملت رسائل متعددة الجوانب:
- إلى الشعب الإيراني: لتأكيد أن الحلفاء الإقليميين يقفون إلى جانبهم، مما عزز شعور الدعم والأمن النفسي.
- إلى جمهور المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين: لتأكيد أن صنعاء، رغم الحصار، ما تزال لاعباً فاعلاً في المعادلة.
- إلى العدو: لإيصال أن أي عدوان على إيران سيواجه برد موحد من حلفائها، لا سيما من اليمن عبر البحر الأحمر.
مثال واقعي جديد: في يوليو 2025، بعد انتهاء الاشتباكات المباشرة بين إيران وإسرائيل، نظمت حركة أنصار الله في اليمن مسيرة شعبية ضخمة في صنعاء تحت شعار «مع إيران ضد العدوان الصهيوني–الأمريكي». شارك عشرات الآلاف في هذه المسيرة، وهو ما أرسل رسالة قوية للشعب الإيراني.
تمت إعادة نشر مقاطع الفيديو لهذا الحدث على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية، مثل تلغرام، مع تعليقات تقدّر «ثبات اليمن». كما ذكرت شبكة «برس تي في» الإيرانية أن هذه المسيرة «أعادت الأمل للشعب الإيراني بأن حلفاءهم لن يتركوه وحده حتى في أصعب الظروف». هذا التفاعل عزز شعور الوحدة بين جبهات المقاومة وأثبت أن محور المقاومة ليس مجرد تحالف سياسي، بل شبكة متماسكة من الناحية النفسية والسياسية.
✦ ثانياً: رفع مستوى الجاهزية النفسية للمواجهة
لم تكن تصريحات السيد الحوثي مجرد كلمات تضامن، بل حملت تهديدات محددة وصريحة، خصوصاً فيما يتعلق بدور اليمن في البحر الأحمر. ففي خطاب ألقاه في 2 يوليو 2025، أشار إلى أن أي محاولة لتصعيد العدوان على إيران أو أي من جبهات المقاومة ستواجه برد حازم من اليمن، مبرزاً القدرات العسكرية للقوات اليمنية في استهداف المصالح الصهيونية–الأمريكية.
ساعدت هذه التصريحات على تعزيز الجاهزية النفسية لجمهور المقاومة ومنحته إحساساً بوجود جبهة نشطة وقادرة على الرد. ولماذا كان هذا مهماً؟ في أوقات الأزمات، قد يؤدي صمت الحلفاء إلى تراجع الروح المعنوية، لكن إعلان جاهزية اليمن للعمل أضفى شعوراً بالحيوية والقوة.
مثال واقعي جديد: في أغسطس 2025، أعلنت القوات اليمنية عن عملية عسكرية في البحر الأحمر استهدفت سفينة تجارية لشركة إسرائيلية «رداً على استمرار العدوان الصهيوني في المنطقة»، وفق بيان القوات اليمنية. هذه العملية، التي عطلت حركة المرور في مضيق باب المندب لعدة ساعات، عززت شعور القوة لدى شعوب غزة وبيروت وأظهرت أن اليمن ما زالت تعمل كقوة رادعة.
مثال واقعي جديد: في 15 يوليو 2025، أعلنت القوات اليمنية استهداف سفينة حربية أمريكية في البحر الأحمر بصواريخ باليستية، رداً على «هجمات أمريكا على المنشآت النووية الإيرانية». تم الإعلان عن هذه العملية عبر شبكة «المسيرة» اليمنية، وحققت صدى واسعاً لدى جماعات المقاومة. في لبنان، نظمت تظاهرات في الضاحية الجنوبية لبيروت أشادت بالعملية، وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها «اليمن، صوت المقاومة». كما أشارت صحيفة «الأخبار» اللبنانية إلى أن العملية «أعادت الثقة في قدرة محور المقاومة على مواجهة التحديات العسكرية». هذا الشعور بالحيوية والردع عزز الجاهزية النفسية لجمهور المقاومة وأكد لهم أن المحور ما زال قوياً.
✦ ثالثاً: تثبيت مبدأ التماسك الأخلاقي بين الجبهات
ظل السيد الحوثي ملتزماً بالمعايير الأخلاقية التي تميز محور المقاومة: الوقوف إلى جانب الحليف في الشدائد، الثبات تحت الضغط، وعدم ترك الجبهات الصديقة في اللحظات الحرجة. في وقت انطلقت بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع إسرائيل أو اتخذت مواقف متذبذبة تجاه العدوان على إيران، أعاد موقف الحوثي البوصلة الأخلاقية والسياسية للمقاومة.
مثال واقعي جديد: في 10 يوليو 2025، أصدرت حركة أنصار الله بياناً رسمياً عبر شبكة «المسيرة» أدانت فيه موقف المملكة العربية السعودية الذي اكتفى بالتعبير عن «القلق» من العدوان على إيران. في هذا البيان، دعا السيد الحوثي الأنظمة العربية إلى «الخروج من حالة الصمت والتساهل» وأكد أن «اليمن لن يترك إيران وحدها في مواجهة العدوان». وقد لاقى هذا الموقف صدى واسعاً في فلسطين، حيث أشادت حركة الجهاد الإسلامي في بيان رسمي بـ«الموقف الأخلاقي لليمن الذي يعكس نبض الأمة».
تمت إعادة نشر أجزاء من خطابات الحوثي في وسائل الإعلام الفلسطينية، مثل شبكة «فلسطين اليوم»، ووصفت موقفه بأنه «رسالة واضحة للعالم عن عدم قابلية المقاومة للهزيمة». هذا التماسك الأخلاقي قلل من أثر الحملات النفسية للعدو وعزز شعور الوحدة بين الجمهور.
✦ رابعاً: تحريك النخب الفكرية في محور المقاومة
لم تكن خطابات السيد الحوثي مجرد دعوات عاطفية أو شعبوية، بل شملت تحليلاً سياسياً عميقاً يربط بين مختلف جبهات محور المقاومة. جعل هذا التحليل من خطاباته مادة فكرية وتحفيزية للنخب السياسية والفكرية، وليس فقط للجماهير. تناول في خطاباته العلاقة بين العدوان على إيران، والحرب في غزة، وحصار اليمن، مقدماً رؤية شاملة للصراع في المنطقة.
مثال واقعي جديد: في 20 يوليو 2025، ألقى السيد الحوثي خطاباً مفصلاً أذاعته شبكة «المسيرة»، تناول فيه تداعيات العدوان الصهيوني–الأمريكي على إيران وارتباطه بالهجمات المستمرة على غزة. وقدم تحليلاً استراتيجياً عن كيفية استغلال إسرائيل للصراع مع إيران لصرف انتباه المقاومة عن فلسطين.
تم تحليل هذا الخطاب على نطاق واسع في وسائل الإعلام المقاومة. نشرت صحيفة «الأخبار» اللبنانية مقالاً بعنوان «حوثي: الصوت المقاوم الذي يربط الجبهات»، وأشارت إلى أن خطاباته أصبحت «مرجعاً فكرياً لفهم الصراع». كما استضاف برنامج «المشهد» على قناة الميادين محللين سياسيين درسوا الخطاب وأكدوا أن تحليل الحوثي «يعكس فهماً عميقاً للاستراتيجيات الصهيونية». هذا التفاعل مع النخب عزز مكانة اليمن كمركز فكري وسياسي في محور المقاومة.
✦ خامساً: إخراج اليمن من زاوية الدفاع إلى ساحة التأثير
لم يقتصر تأثير مواقف السيد الحوثي على الجانب المعنوي، بل امتد إلى البعد السياسي والجيوسياسي. نجحت هذه المواقف في تحويل اليمن من كيان محاصر ومعزول إلى لاعب إقليمي مؤثر. حاولت الحملات الغربية تصوير صنعاء كمنطقة معزولة وعاجزة عن التأثير خارج حدودها، لكن تصريحات الحوثي، المدعومة بالتحركات العسكرية، قلبت هذه الصورة.
مثال واقعي جديد: في 5 أغسطس 2025، أعلنت القوات اليمنية عن عملية عسكرية استهدفت ميناء إيلات الإسرائيلي باستخدام طائرات مسيرة، «تضامناً مع إيران ودعماً للمقاومة الفلسطينية»، وفقاً لبيان القوات اليمنية.
تسببت العملية في توقف نشاط الميناء لمدة يومين، وأثبتت أن اليمن قادر على التأثير الجيوسياسي، وعززت مكانة محور المقاومة بشكل شامل. وأشارت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إلى أن «عمليات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن حولت اليمن إلى لاعب لا يمكن تجاهله في الصراع الإقليمي».
هذا التطور عزز الثقة بالنفس لدى شعوب إيران ولبنان وفلسطين، وأظهر أن محور المقاومة يتمتع بقوة ردع حقيقية.
✦ في الختام…
كانت مواقف السيد عبد الملك الحوثي خلال العدوان الصهيوني–الأمريكي على إيران في يونيو وما تلاه قوة تحفيزية وروحية أعادت رسم ديناميكيات محور المقاومة. من خلال إعادة الثقة بوحدة الجبهات، ورفع الجاهزية النفسية، وتثبيت المبادئ الأخلاقية، وتحريك النخب الفكرية، وتحويل اليمن إلى لاعب إقليمي مؤثر، نجح السيد الحوثي في تعزيز معنويات محور المقاومة في لحظة حاسمة.
هذه المواقف، المصحوبة بتحركات ميدانية ودبلوماسية مثل العمليات في أعماق البحر الأحمر، واستهداف العمق الإسرائيلي مباشرة، وإعلان الدعم الصريح للجمهورية الإسلامية الإيرانية، أثبتت أن صوت اليمن ليس مجرد صدى لطهران، بل تجسيد لإرادة مستقلة ناشئة من الإيمان والرؤية الاستراتيجية؛ قوة نابعة من رحم المقاومة قادرة على تغيير ميزان القوى في المنطقة.