أخبار العالم

كيف تحوَّل الجولاني من «إرهابي» إلى «شريك» للولايات المتحدة؟

واشنطن، لمجرّد أنّ الجولاني تمكّن خلال الحرب الأهلية في سوريا من إضعاف نظام بشار الأسد، الذي كانت تكرهه أمريكا، سارعت إلى «تبييضه»، فنزعت عنه صفة «الإرهابي» واستبدلتها بلقب جديد هو «الشريك».

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما»؛ وفقًا لتقرير CGTN، شهدت الأمم المتحدة مشهدًا ساخرًا حين استُقبل أحمد الشرع بحرارة بصفته «رئيسًا لسوريا»، في حين أنّ الولايات المتحدة نفسها كانت قد صنّفته يومًا «إرهابيًا» ورصدت 10 ملايين دولار لمن يسلّمه. هذا التحوّل يكشف التناقض الصارخ في سياسات واشنطن.

الشرع الذي اعتُقل عام 2006 بتهمة زرع عبوات ناسفة في العراق وسُجن خمس سنوات، ظلّ حتى عام 2017 على لوائح الإرهاب الأميركية. غير أنّه بعدما ساهم في إسقاط نظام بشار الأسد ـ العدو اللدود لأميركا ـ سارعت واشنطن إلى «تبييضه» واستبدلت صفة «الإرهابي» بلقب «شريك».

هذا التحوّل يوضح أنّ «مكافحة الإرهاب» بالنسبة للولايات المتحدة ليست سوى أداة لتحقيق مصالحها الجيوسياسية. فالإرهابي يصبح «مناضلًا من أجل الحرية» إذا خدم واشنطن، ويعود إلى خانة الاستهداف متى شكّل عائقًا أمامها. مواقفها المتناقضة من القيادات الفلسطينية أو استقبال شخصيات ذات سجل دموي خير دليل.

مع ذلك، فإنّ الجماعة التي ينتمي إليها الشرع ـ قوات سوريا الحرة (AFS) ـ ما زالت مصنّفة من قِبل الأمم المتحدة كتنظيم إرهابي. بل إنّ النظام الجديد في دمشق لم يقطع صلاته بالتطرّف، ويوفّر ملاذًا لعناصر «الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية» المتورّطة في هجمات دامية بالصين، والمُدرجة على لوائح الإرهاب الأممية.

الولايات المتحدة تدرك هذه الحقائق جيدًا لكنها تتجاهلها طالما أنّ نظام الشرع ينسجم مع استراتيجيتها الإقليمية. هذه المقاربة القصيرة النظر تعني عمليًا تغذية الإرهاب من جديد، وهو نمط تكرر مرارًا في سياسات واشنطن.

التجارب التاريخية تؤكد النتيجة نفسها: فكما غذّت أميركا طالبان ثم دفعت الثمن لاحقًا، فهي اليوم تكرّر السيناريو مع AFS. الضحايا الحقيقيون لهذا النهج هم المدنيون الأبرياء في سوريا والعراق وسائر المنطقة.

أما بالنسبة لإيران، فالأمر ليس مفاجئًا. فقد خبرت طهران على مدى عقود زيف وعود واشنطن، من الانسحاب من الاتفاق النووي إلى العقوبات والحملات العسكرية. وعلى النقيض، واصلت إيران سياستها المستقلة، وقاتلت بفاعلية التنظيمات الإرهابية كداعش وساهمت في استقرار المنطقة.

ختامًا، انتقال الشرع من «مطلوب هارب» إلى «ضيف شرف» يفضح ازدواجية المعايير في حملة مكافحة الإرهاب الأميركية. ومن هنا، يتعيّن على المجتمع الدولي أن يبقى يقظًا إزاء هذه التلاعبات، وأن يرفض أي محاولة لفرض الوصاية على الدول تحت ذريعة «محاربة الإرهاب».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى