مقالات الرأي

نمو نشاط الشرطة غير الحكومية

✍️ الدكتور غلامحسين بياباني؛ أمين جمعية تطوير دراسات علوم الابتكار والتحقيق في إيران:

في الوقت الحاضر، وفي العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، يبدو أن الأمور مختلفة تماماً. لا أحد يستطيع أن يدّعي بثقة أن الشرطة تمارس نشاطها بالاحتكار نفسه الذي كانت عليه قبل خمسين عاماً.

علاوة على ذلك، يبدو التفكير في مثل هذا الاحتمال اليوم أمراً ساذجاً وغير واقعي.

في النصف الثاني من القرن العشرين، بدأت أنشطة الشرطة تتحول؛ فقد حدثت “ثورة صامتة”. الشرطة غير الحكومية نمت بسرعة، واحتكار الشرطة الحكومية للنشاط الشرطي بدأ يتلاشى بسرعة.

الموجة التي بدت لا يمكن إيقافها وغير قابلة للتراجع، تغيّر اتجاهها فجأة. الدليل على إعادة تشكيل هذا النظام الشرطي المتعدد المراكز هو نمو الأمن الخاص، الذي أصبح اليوم في معظم أنحاء العالم (من حيث عدد العاملين) أكبر من الشرطة الحكومية. ففي جنوب إفريقيا، على سبيل المثال، يفوق عدد ضباط الأمن الخاص عدد رجال الشرطة الحكومية بثلاثة أضعاف تقريباً.

تحدث تطورات مماثلة في العديد من مناطق العالم، مما يجعل من شركات الأمن الخاصة قوة عالمية لا يمكن تجاهلها. على سبيل المثال، شركة G4S للأمن الخاص، المسجلة في بورصة لندن، تمتلك أصولاً تقدر بـ935 مليون دولار أمريكي، وتوظف حوالي 400 ألف موظف، وتحقق إيرادات سنوية تبلغ 3.8 مليار دولار، وتعمل في أكثر من 100 دولة.

ومع ذلك، فإن صناعة الأمن الخاص ليست المظهر الوحيد للتعدد المتزايد في النشاط الشرطي. فالأطر الاقتصادية والسياسية النيوليبرالية شجعت المجتمعات على تحمّل مسؤوليات كانت تقليدياً من مهام الشرطة.

لقد استثمر الأفراد والأحياء في الأمن الخاص، كما نظموا أنفسهم في دوريات أحياء وحراس مجتمعيين. وفي الدول الأقل نمواً، استمرت أشكال الشرطة غير الحكومية التقليدية، ودخلت في نطاق التشريع الحكومي والخطاب البحثي والسياسي.

لقد عاد مفهوم الشرطة التعددية كوسيلة للعدالة والانتقام، ويبدو أنه سيستمر في السنوات المقبلة. وهذه الحقيقة تضع الشرطة أمام تحدٍ كبير لأنها تثير تساؤلات حول موقعها في هذا المشهد الجديد، حيث لم تعد الجهة الوحيدة المسؤولة عن الأمن.

هل يجب أن تسعى لاستعادة احتكارها للنشاط الشرطي؟ وإن لم تفعل، فما الدور الذي يجب أن تحدده لنفسها؟

هذه تساؤلات يجب أن تطرحها المؤسسات الشرطية والحكومات في جميع أنحاء العالم. وقد قدمت عدة تقارير شرطية إجابات مختلفة؛ فعلى سبيل المثال، أثار السير إيان بلير، المفوض السابق لشرطة لندن، هذه الأسئلة منذ التسعينيات في مؤتمرات متعددة.

كما ناقشت لجنة باتن في أيرلندا الشمالية هذه القضايا في تقريرها إلى الحكومة البريطانية، وكذلك فعلت لجنة إصلاح القانون الكندية في تقريرها المقدم إلى البرلمان عام 2006، وطرحت الشرطة الهولندية هذه الأسئلة في تقريرها المعنون تطور الشرطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى