مقالات الرأي

الجزء الرابع: سليماني والمرجعية – رابط خاص مع النجف وقم وطهران (الجزء التاسع)

✍️ القسم السياسي:

 

الرؤية الإنسانية للقائد الشهيد قاسم سليماني

كان الحاج قاسم يؤمن بأن الدفاع عن المظلومين واجب ديني وإنساني، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو القومية. ونقلت وسائل إعلام إيرانية مثل وكالة تسنيم عن تأكيده أن «الجمهورية الإسلامية لا تفرّق بين المذاهب الإسلامية وتدعم كل من يقف في وجه الظلم والإرهاب». وقد تجلّت هذه القاعدة بوضوح في مواقفه تجاه المجتمعات غير الشيعية؛ حيث سعى لحماية المسيحيين واليزيديين والأقليات الأخرى في العراق وسوريا، مؤكدًا أن الإرهاب التكفيري، مثل داعش، تهديد موجه للجميع.

دور سليماني في حماية الكنائس

في العراق وسوريا كان سليماني من روّاد مواجهة داعش، وهي مجموعة استهدفت الكنائس والأقليات الدينية بقسوة وحشية. وخلال معارك تحرير مدن مثل الموصل وتكريت، لعب دورًا محوريًا في تنظيم قوات الحشد الشعبي والتنسيق مع الجيش العراقي لاستعادة المناطق التي دمرها داعش. وتشير تقارير من قناة الميادين إلى أن سليماني شدد على ضمان سلامة المواقع المقدسة، بما في ذلك الكنائس المسيحية التي تعرّضت لهجمات داعش.

في الموصل، التي كانت مركزًا للمسيحيين في العراق، مَكَّن دور سليماني في عمليات التحرير عام 2016 المسيحيين من العودة إلى كنائسهم التي دمّرها داعش. وأفادت مصادر عراقية مثل موقع abdal.co أن سليماني أصدر أوامر لقواته لحماية الكنائس والأديرة، مؤكدًا أن «حماية الأماكن الدينية المقدسة واجب على كل مسلم». أعاد هذا الأسلوب الأمل إلى المجتمعات المسيحية التي عانت من التهجير والاضطهاد.

تحرير الإيزيديين في العراق

عندما هاجم داعش مناطق سنجار في شمال العراق عام 2014 ارتكب مجازر فظيعة ضد الإيزيديين، شملت قتلًا واعتقالات واستعبادًا. وكان سليماني من أوائل القادة الذين استجابوا لهذه الكارثة. ووفقًا لتقارير إيرانية وعراقية، من بينها وكالة فارس، فقد قاد عملية تحرير سنجار عام 2015 بتنسيق قوات الحشد الشعبي والبيشمركة الكردية. وأقام ممرات آمنة لإنقاذ آلاف الإيزيديين المحاصرين على جبل سنجار، وساهم في تحرير مئات النساء والأطفال الإيزيديين من قبضة داعش.

وأفادت مصادر محلية عراقية أن سليماني تابع تفاصيل العمليات في سنجار شخصيًا وشدّد على ضرورة حماية الإيزيديين كجزء من واجبه الإنساني والديني. وفي رسالة إلى قائد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي وصف «تحرير المظلومين من يد داعش» بأنه نصر للإنسانية، مما يعكس رؤيته الشاملة للجهاد كدفاع عن كافة المظلومين بغض النظر عن دينهم.

إنقاذ الراهبات في معلولا بسوريا

في ديسمبر 2013 اختطفت جبهة النصرة (الفرع السوري للقاعدة) 13 راهبة من دير القديسة ثيكلّا في معلولا، وهي مدينة مسيحية تاريخية في سوريا تشتهر أديرتها وكنائسها. شكّل الاختطاف صدمة كبيرة للمسيحيين السوريين الذين تعرضت أمكنتهم للتدمير والتهجير على يد الجماعات التكفيرية.

لعب سليماني دورًا حاسمًا في إطلاق سراح الراهبات. ونقلت الميادين أنَّه نسّق عمليات عسكرية دقيقة مع الجيش السوري وقوات المقاومة أدت إلى تحرير الراهبات في مارس 2014. لم تكن العملية إنجازًا عسكريًا فحسب، بل كانت رسالة قوية مفادها أن حماية المسيحيين ومقدساتهم جزء لا يتجزأ من مهمة المقاومة. وأفادت مصادر سورية أن سليماني أمر بضمان سلامة الراهبات طوال العملية وشدّد على أن «الدفاع عن المسيحيين في سوريا واجب إسلامي لأن الإسلام يدعو إلى حماية أهل الكتاب».

وبعد الإفراج، شكرت الأم بيلاغيا سياف، رئيسة دير القديسة ثيكلّا، القائمين على عملية الإنقاذ وقالت إن الراهبات شعَرْن بالأمان بفضل التزام المنقذين بحفظ حياتهن. وقد أكدت تقارير نُشرت في مواقع مثل «القوات اللبنانية» التزام سليماني بحماية المسيحيين في خضم الحرب السورية.

نهج شامل لحماية الأقليات

امتد دور سليماني إلى ما هو أبعد من العمليات العسكرية فشمل بناء جسور ثقة مع الأقليات الدينية. في العراق سعى إلى توحيد مختلف المكوّنات — السنة والشيعة والمسيحيين والإيزيديين — لمواجهة الإرهاب. ونقل موقع abdal.co عنه اعتقاده أن «وحدة العراقيين بكل أطيافهم هي أقوى سلاح في مواجهة داعش والاحتلال الأمريكي».

هذا النهج جَعَلْه رمزًا للتضامن الإنساني، حيث لم يفرّق بين مسلم أو مسيحي أو يَزيدي وسعى لتحقيق العدالة. وفي سوريا، لعبت مشاركته في معارك مثل القصير عام 2013 والتحرر في مدن كحلب والبوكمال دورًا محوريًا في حماية المجتمعات المسيحية والأقليات الأخرى من تهديدات داعش وجبهة النصرة. وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن سليماني اشرف شخصيًا على عمليات حفظ مناطق ذات أغلبية مسيحية — على سبيل المثال الحي الأرمني في حلب — مساهماً بذلك في الحفاظ على التنوع الديني والثقافي في سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى