تسجيل قرية شفيعآباد في قائمة التراث العالمي
تمّ إدراج قرية شفيعآباد الواقعة على حافة صحراء لوط ضمن «أفضل القرى السياحية في العالم» من قِبل منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة (UN Tourism).

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما»؛ تمّ تصنيف قرية شفيع آباد الواقعة على حافة صحراء لوت كإحدى «القرى السياحية العالمية» من قبل منظمة السياحة العالمية (UN Tourism). ويُعدّ هذا اللقب ثمرة أكثر من عقدين من الجهود المحلية الرامية إلى ربط السياحة بحماية البيئة والتنمية المستدامة. اليوم أصبحت القرية نموذجًا للحياة الذكية في المناخ الجاف الإيراني، قائمًا على التراث والمشاركة الشعبية وإحياء الموروث.
كانت شفيع آباد في الماضي آخر محطة للقوافل قبل دخول قلب الصحراء. ويعود خانها التاريخي إلى العهد القاجاري، حيث يتميز بأربعة أبراج مراقبة وقناة مياه (قَناة) لا تزال تجري في داخله وتمنح الحياة للقرية. اليوم تحوّل هذا الخان إلى نُزل سياحي يستقبل الزائرين الراغبين في مشاهدة كلوتات شهداد وتجربة سكون الصحراء.
تُجسّد شفيع آباد بمعمارها الطيني وأزقتها الضيقة ونخيلها العتيق نموذجًا للعيش المستدام في البيئة الجافة. غير أن ما جعلها تصل إلى العالمية هو رؤية أهلها للسياحة كمحرّك رئيسي للتنمية. فمنذ عام 2003 دخلت السياحة في الدورة الاقتصادية للقرية، مما أدى إلى ازدهار الصناعات اليدوية والنُزل البيئية والخدمات المحلية.
لعبت النساء دورًا محوريًا في هذا التحول. فقد أسست مجموعة نسائية تُعرف باسم «غوجينو» مشروعًا لإحياء الحرف التقليدية كالتطريز اليدوي وصناعة الحصر، وخصصن جزءًا من دخلهن لإحياء القنوات المائية، مما أنقذ ثماني قنوات حتى الآن. وقد مثّلت هذه المبادرة نموذجًا للتوازن بين الاقتصاد والبيئة، وهو أحد المعايير الرئيسة للتنمية الريفية المستدامة حسب منظمة السياحة العالمية.
ووفقًا لمحمد جهانشاهی، رئيس لجنة السياحة الطبيعية في وزارة التراث الثقافي الإيرانية، فإن الاعتراف العالمي بشفيع آباد جاء نتيجة أكثر من 25 عامًا من العمل في مناطق شهداد وتكاب وشفيع آباد، حيث ساهم الترابط بين السياحة والحرف والإنتاج المحلي في رفع مكانة القرية عالميًا.
كما كان لماراثون صحراء لوت دورٌ بارزٌ في هذا النجاح، إذ أُقيم لأول مرة عام 2016 بمشاركة 50 عدّاءً، وأصبح اليوم يجذب أكثر من 600 مشارك، مما عزّز موقع شفيع آباد كوجهة للسياحة الرياضية والطبيعية في إيران.
تعتمد منظمة السياحة العالمية في اختيار «القرى السياحية العالمية» على معايير مثل تقليص الفوارق في الدخل، وتمكين النساء والشباب، وحماية البيئة، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتعزيز البنية التحتية. وقد نجحت شفيع آباد من خلال مشاركة المجتمع المحلي، وترميم الخان التاريخي، وحماية القنوات المائية، وتطوير السياحة المستدامة، في تحقيق هذه المعايير على المستوى المحلي.
هذا النجاح لم يرسخ مكانة شفيع آباد عالميًا فحسب، بل أظهر أيضًا أن القرى الإيرانية قادرة على أن تصبح وجهات سياحية دولية دون أن تفقد هويتها الثقافية.
في شفيع آباد، أصبحت السياحة وسيلة لحفظ التراث وإحياء الحياة المحلية. فالقنوات ما زالت تجري، والحرف اليدوية تزدهر، والشباب أصبحوا رواد أعمال بدلاً من الهجرة.
وتُجسد القرية انسجام الإنسان مع الطبيعة في واحدة من أكثر مناطق الأرض جفافًا، لتبرهن أن التنمية الحقيقية يمكن أن تتحقق دون المساس بالبيئة والثقافة.
اليوم تستقطب شفيع آباد الزوار من داخل إيران وخارجها ممن يبحثون عن تجربة أصيلة تجمع بين التاريخ والثقافة والطبيعة.
إن شفيع آباد لم تعد مجرد قرية، بل أصبحت رمزًا لوصل الماضي بالمستقبل، ودليلًا حيًا على أنه حتى في قلب الصحراء يمكن للإنسان، بالتراث والمشاركة، أن يصل إلى العالمية.




