هل أوبك الغازية في الطريق؟

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما» أعلن محسن پاکنژاد، وزير النفط الإيراني، على هامش الاجتماع الوزاري لمنتدى الدول المصدّرة للغاز (GECF) أن إيران اقترحت ترقية هذا المنتدى إلى «منظمة الدول المصدّرة للغاز» (OGEC). وقد لقي الاقتراح ترحيباً من الدول الأعضاء، ويهدف إلى تحويل الهيئة الاستشارية الحالية إلى منظمة ذات قرار ملزِم.
في الوضع الراهن، تقتصر قرارات GECF على طابعٍ توصياتي ولا تُلزم الأعضاء بتنفيذها. ترى إيران أن غياب إطار قانوني قد جعل مصالح منتجي الغاز عرضةً لتقلبات السوق والضغوط السياسية.
في الخطة الجديدة، ستكون OGEC منظمةً دوليةً ذات نظام أساسيٍ ملزِم، تتخذ قراراتها بالأغلبية وتُعتبر نافذةً على جميع الأعضاء. مثل هذا الهيكل قد يعزّز الموقع الجماعي لمنتجي الغاز في سوق الطاقة العالمية، على غرار الدور الذي تلعبه أوبك في سوق النفط.
ستشمل هذه الهيكلة إنشاء هيئاتٍ صانعة للقرار مثل مجلس الوزراء والهيئة التنفيذية، وصياغة سياسات تصديرية، وتوقع آليات رقابية وتأديبية لمنع خروقات الأعضاء.
من وجهة نظر إيران، إن ترقية GECF إلى OGEC تشكل ردّاً على الهيمنة السياسية لمستهلكين غالبيتهم غربيون، لا سيما أوروبا، على سوق الغاز. تسعى طهران إلى تحويل الغاز من سلعةٍ خاضعةٍ للجيوبوليتيك إلى أداةٍ للسلطة الاقتصادية والسياسية المستقلة.
على الصعيد الجيوسياسي، تسعى إيران وروسيا — اللتان تمتلكان معاً أكثر من ٤٠٪ من احتياطيات الغاز العالمية — لتشكيل كتلةٍ تتعاون مع الصين والهند وقطر لتغيير توازن القوى في سوق الطاقة لصالح المنتجين.
ترى طهران هدفاً آخر لـ OGEC في مواجهة نفوذ مؤسسات مثل الوكالة الدولية للطاقة (IEA) التي تُعتبر سياساتها في الغالب في خدمة دول المستهلكين. ستكون OGEC صوت المنتجين، بدورٍ موازن وتحدّي لسياسات تلك المؤسسات.
في إطار «الدبلوماسية الغازية» قدمت إيران مبادرةً بعنوان GPC-D (حوار المنتجين والمستهلكين للغاز) لإحداث تنسيقٍ طويل الأمد حول العرض والطلب، أمن خطوط الأنابيب، والاستثمارات المشتركة — على غرار نموذج OPEC+.
تعتمد استراتيجية «الاقتصاد الغازي المقاوم» في إيران على تشكيل فرق عمل للاستثمارات المشتركة مع روسيا والصين وشركاء آخرين لتقليل أثر العقوبات المالية والتكنولوجية الغربية. هذا النموذج يوزّع مخاطر رأس المال ويسرّع مشاريع الغاز المسال (LNG) وخطوط الأنابيب الإقليمية.
على الصعيد التكنولوجي، تدفع طهران باستراتيجية «الغاز النظيف» التي تتضمن احتجاز الكربون وتخزينه، وتطوير الهيدروجين الأزرق، والحد من تسرب الميثان. الهدف الحفاظ على مكانة الغاز كـ«وقود أساسي في فترة التحول» ومجابهة سياسات إلغاء استخدام الوقود الأحفوري في الغرب.
كما اقترحت إيران تعزيز أمانة الدوحة لتتحول من جهةٍ إحصائية إلى مركزٍ لصنع القرار وإدارة الأزمات. من المقرّر أن تنشر هذه الأمانة الإحصاءات الرسمية للأعضاء وتنسّق الإمداد الطارئ وتمثّل OGEC دولياً.
تحقيق هذه المبادرة يعتمد على إجماع الأعضاء الرئيسيين. قد تتوخّى قطر الحذر نظراً لعقودها طويلة الأجل، بينما تطلب روسيا ضمانات قانونية قوية. إذا نجحت، قد تصبح OGEC القطب الثالث للقوة في قطاع الطاقة بعد أوبك والوكالة الدولية للطاقة، وتحدث نظاماً جديداً لحوكمة الطاقة العالمية.




