القسم الثالث – الثورة الرقمية (الجزء الأول)

الوحدة الاقتصادية
الثورة الرقمية: متصلة، آمنة، وديناميكية
المقدمة – اللورد هيغ من ريتشموند
مرّ أكثر من 18 شهراً منذ أن أطلقت شركة OpenAI نموذج ChatGPT-3.5، ومعه بدأت منافسة عالمية لتطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي.
لقد أطلق هذا الابتكار موجة عالمية سريعة من التحول التكنولوجي، حيث مكّن الشركات من إعادة تصميم نماذج أعمالها، وزيادة إنتاجية موظفيها وكفاءتهم، ولكنه في الوقت ذاته أتاح للمجرمين السيبرانيين تنفيذ هجمات أكثر تعقيداً وذكاءً.
في هذا العصر المليء بالفرص والمخاطر اللامتناهية، ستزدهر الشركات التي تتبنى هذه التكنولوجيا بسرعة، بينما ستواجه تلك التي تتباطأ أو تتكبر في مواكبة التطور نفس مصير شركات مثل كوداك وبلوك باستر وماي سبيس — في “مقبرة” الشركات التي فشلت في مواكبة الزمن.
غير أن هذه المنافسة العالمية لا تقتصر على عالم الأعمال فقط. فالمكاسب الاقتصادية المترتبة على ريادة تطبيق التقنيات الناشئة تقابلها مخاطر جيوسياسية لأولئك الذين يتخلفون عن الركب. لذا، يجب أن تكون مساعدة الشركات البريطانية على اعتماد الذكاء الاصطناعي وحماية نفسها من التهديدات السيبرانية المعززة بالذكاء الاصطناعي أولوية وطنية للحكومة.
وقد أدركت حكومة المملكة المتحدة دورها جيداً في هذا المجال حتى الآن.
فقد أطلقت وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا صندوقاً بعنوان Flexible AI Upskilling Fund لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في تدريب موظفيها على استخدام الذكاء الاصطناعي.
كما أسس الوزراء منتدى فرص الذكاء الاصطناعي بمشاركة قادة الأعمال لمناقشة سبل توسيع استخدام هذه التكنولوجيا في القطاع الخاص.
بالإضافة إلى ذلك، أنشأ رئيس الوزراء معهداً رائداً تحت اسم AI Safety Institute، يركّز على تقليل المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التلاعب الذهني والتهديدات السيبرانية. ومع ذلك، فإن نطاق هذه المهمة واسع للغاية، وهناك الكثير مما يجب القيام به في البرلمان القادم.
يحدد هذا التقرير المجالات التي يجب على الحكومة المقبلة التحرك فيها، مثل تقديم دعم مباشر للشركات التي ترغب في تبني الذكاء الاصطناعي من خلال الدورات التدريبية والندوات عبر الإنترنت، وكذلك تسريع تطوير الاتصال الرقمي (السلكي واللاسلكي) وإجراء إصلاحات قانونية لتسهيل التأمين ضد الهجمات السيبرانية.
إن هذه المقترحات يمكن أن تساعد في الحفاظ على مكانة المملكة المتحدة في طليعة الدول التي تعتمد الذكاء الاصطناعي، ويجب أن تنال اهتمام جميع الأحزاب السياسية أثناء إعداد برامجها الحكومية. فبالتزام مستمر في هذه المجالات الأربعة، تستطيع بريطانيا وشركاتها مواكبة هذا السباق العالمي المتسارع دون أن تتخلف عنه.
مقدمة رئيسة اللجنة – بريا جوها (حاملة وسام الإمبراطورية البريطانية MBE)
تُعَدّ المملكة المتحدة مكاناً استثنائياً لتأسيس وتنمية الأعمال. فهي تتمتع بتاريخ طويل من الابتكار وبنية بحثية جامعية عالمية المستوى تُعد الأساس لهذا التقدم.
تمنح الثورة الرقمية فرصاً غير مسبوقة للشركات لتطوير نفسها بطرق لم يكن من الممكن تصورها قبل عقد من الزمن. ومع ذلك، فإن هذه الثورة تمثل أيضاً خطراً كبيراً على اقتصاد الشركات الصغيرة البريطانية — خطر التخلف عن مسار التحول الرقمي وفقدان المكاسب الإنتاجية المستقبلية.
لتتمكن الشركات من مواكبة هذا التحول، فهي بحاجة إلى الثقة في أن البنية التحتية الرقمية البريطانية موثوقة ومستقرة. يعرض هذا التقرير مجموعة واضحة من الأولويات السياسية التي يجب تنفيذها لدعم الأعمال في هذه المرحلة المثيرة.
في مواجهة التحديات الرقمية، قررنا التركيز على أربعة مجالات مترابطة:
الإنترنت عريض النطاق، الاتصالات اللاسلكية، الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي.
فهذه الأعمدة الأربعة تمثل الأساس لنجاح الشركات وحيويتها — سواء الآن أو في المستقبل. وبدون اتصال آمن وموثوق، لا يمكن للشركات الاستفادة الكاملة من إمكانات الذكاء الاصطناعي.
ورغم التقدم الملحوظ في السنوات الأخيرة في نشر خدمات الإنترنت، لا تزال المملكة المتحدة متأخرة عن العديد من الدول. فقد أصبح الإنترنت اليوم بنية تحتية حيوية مثل الماء والكهرباء — فلا يمكن لأي شركة، مهما كان حجمها أو مجالها، أن تعمل بفعالية من دونه.
ومن الضروري تحسين إمكانية الوصول، والسرعة، والتخطيط الاستراتيجي للبنية الرقمية لضمان مستقبل اقتصادي قوي ومترابط.




