أخبار العالم

الحرب الباردة الجديدة في شرق آسيا

قامت الصين رسميًا برفع نزاعها المتصاعد مع طوكيو إلى الأمم المتحدة، وذلك على خلفية التصريحات الأخيرة لرئيسة وزراء اليابان، سانائه تاكائيتشي، بشأن تايوان. تأتي هذه الخطوة في وقت انخفضت فيه العلاقات بين الجارتين في شرق آسيا إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2023، فيما لا تُظهر التوترات الدبلوماسية أي بوادر للانفراج.

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما» نقلاً عن الجزيرة، حذّر فو كونغ، المندوب الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، في رسالة إلى أنطونيو غوتيريش قائلاً: «إذا تجرأت اليابان على التدخل العسكري في وضع مضيق تايوان، فسيُعدّ ذلك عملاً عدوانياً». وتعتبر بكين تايوان جزءاً من أراضيها، وقد أثارها بشدة تصريحُ سانائه تاكائيتشي الذي تحدثت مطلع الشهر الجاري عن كيفية ردّ اليابان على أي هجوم صيني محتمل ضد تايوان.

وفي تقرير لهيئة الـBBC، قالت تاكائيتشي رداً على سؤال أحد السياسيين في البرلمان بشأن هجوم صيني محتمل على تايوان إنه إذا شمل الهجوم استخدام السفن الحربية والإجراءات العسكرية، فقد يتحول بالتأكيد إلى «وضع يهدد البقاء»، وهو موقف غير مسبوق يتجاوز سياسة الحذر التي اتبعها رؤساء الوزراء السابقون في اليابان. و«وضع يهدد البقاء» هو مصطلح قانوني ضمن قانون الأمن الياباني لعام 2015 يشير إلى حالة يهدد فيها هجومٌ مسلح على أحد الحلفاء وجودَ اليابان، مما يسمح لقواتها المسلحة بالرد.

هذه التصريحات أثارت ردّاً حاداً وغير دبلوماسي من شوئي جيان، القنصل العام للصين في أوساكا، الذي كتب في منشور (أُزيل لاحقاً) على منصة إكس: «ليس أمامنا خيار سوى قطع ذلك العنق القذر الذي اندفع نحونا بلا تردد. هل أنتم مستعدون؟». هذا التهديد دفع طوكيو إلى طلب توضيح، ومع تصاعد التوتر استدعى الطرفان سفيري بعضهما. كما حذّرت وزارة الخارجية الصينية من «هزيمة ساحقة» لليابان إذا تدخلت في شؤون تايوان. وعلى الرغم من الضغوط، رفضت تاكائيتشي التراجع عن تصريحاتها.

وامتدّ التوتر إلى الاقتصاد أيضاً. ففي 14 نوفمبر/23 آبان، أصدرت الصين تحذيراً بعدم السفر إلى اليابان وبدأت شركات الطيران الصينية بردّ قيمة التذاكر إليها، وهو ما شكّل ضربة قاسية لقطاع السياحة الياباني الذي يعتمد على ملايين السياح الصينيين. إضافةً إلى ذلك، علّقت بكين عرض فيلمَين يابانيين على الأقل ومنعت واردات المأكولات البحرية اليابانية. كما أصدرت وزارة التعليم الصينية تحذيرات لطلابها بشأن الوضع الأمني في اليابان.

وعلى الصعيد الأمني، أعلنت خفر السواحل الصينية الأحد الماضي عن قيامها بدوريات قرب الجزر المتنازع عليها، والتي تُعرف باسم سنكاكو في اليابان و دياويو في الصين. أما الجهود الدبلوماسية فلا تزال دون نتيجة؛ ففي لقاء أخير في بكين، ظهر مسؤول صيني كبير بزيّ رمزي يستحضر «التمرد ضد الإمبريالية اليابانية»، في رسالة تعبّر عن التحدي. وللتوترات جذور تاريخية تمتد إلى الاحتلال الياباني خلال الحرب العالمية الثانية. ورغم تبني اليابان سياسة «الصين الواحدة» عام 1972، فإنها احتفظت دائماً بعلاقات غير رسمية مع تايوان.

اقتصادياً، الأضرار كبيرة. فالصين هي ثاني أكبر سوق لصادرات اليابان (بقيمة 125 مليار دولار عام 2024)، كما أن اليابان ثالث أكبر شريك تجاري لبكين، إذ اشترت عام 2024 ما قيمته 152 مليار دولار من السلع الصينية. وليست هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها بكين التجارة كأداة ضغط؛ إذ فعلت الأمر نفسه سابقاً في قضية تصريف مياه فوكوشيما وفي حادثة احتجاز قبطان صيني. وقد أعلنت وزارة التجارة الصينية أن العلاقات التجارية «تضررت بشكل بالغ».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى