تسويق المياه الصناعية

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما» يستهلك القطاع الصناعي نحو 5٪ فقط من موارد المياه في البلاد، ومع ذلك فإن نقص المياه يتسبب في اضطرابات كبيرة في عمليات الإنتاج لدى العديد من المنشآت. ولمنع هذه المشكلة، توجد حلول مثل إعادة تدوير المياه أو نقلها، إلا أنّ هذه الأساليب ليست مجدية اقتصاديًا في الظروف الحالية. ويرى الخبراء أن إنشاء «سوق للمياه» يمكن أن يخفف من مشكلات الصناعات على المدى القصير، بحيث تتمكن المنشآت الصناعية من شراء جزء من احتياجاتها المائية من المزارعين، وهو ما يحقق منفعة للطرفين.
يبلغ إجمالي استهلاك المياه في البلاد نحو 100 مليار متر مكعب، ويذهب نحو 4٪ منه إلى القطاع الصناعي. ويقول العاملون في قطاعي الصناعة والمياه إن استهلاك الصناعة من المياه ضئيل للغاية بحيث لا يشكّل دورًا في أزمة المياه ولا يستدعي هذا القدر من الاهتمام. ومع ذلك، فإن تمركز الصناعات في الهضبة الوسطى والمناطق قليلة المياه، إلى جانب تفاقم أزمة المياه هناك، جعل مسألة استخدام الصناعة للموارد المائية أكثر حساسية. وبالنظر إلى هذه الظروف، نصّ «البرنامج السابع للتنمية» على منع الصناعات من استخدام المياه التقليدية، بحيث تُلزم الصناعات الصغيرة والمتوسطة باستخدام مياه الصرف المعالجة، فيما يتوجب على الصناعات الكبرى استخدام مياه البحر.
ويقول خبراء المياه إنه إلى حين توفير هذه البدائل، يتوجّب على الصناعات دفع تكلفة تعادل تكلفة هذه المصادر البديلة، وهي تكلفة مرتفعة جدًا. وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر حول نقل المياه، فإن بعض الصناعات الكبرى تقوم بتمويل مشاريع لنقل المياه من الخليج الفارسي إلى الهضبة الوسطى. كما أن العديد من الصناعات تقوم بإعادة تدوير المياه المستخدمة. وفي ظل صعوبات الصناعات في تأمين المياه، يطرح الخبراء حلًّا آخر لم يحظ بالاهتمام الكافي، وهو إنشاء سوق حرة للمياه بحيث تشتري الصناعات المياه من المزارعين.
الموقع الأمثل للصناعات
قال جمال محمدولي ساماني، عضو هيئة التدريس في جامعة تربيت مدرس، إن مجموع استهلاك المياه الصناعي يمثل نحو 3–4٪ فقط من إجمالي المياه المتجددة البالغ 100 مليار متر مكعب. وأضاف أن المشكلة تكمن في تمركز الصناعات في مواقع غير مناسبة، ولذلك خُفّت حصة الصناعة من المياه الصالحة للشرب في «البرنامج السابع للتنمية». فالصناعات كثيفة الاستهلاك للمياه، خصوصًا صناعة الفولاذ، تتركز في الهضبة الوسطى وفي محافظات أصفهان ويزد وكرمان، وهي مناطق تعاني نقصًا في مياه الشرب والزراعة، ما جعل الصناعة منافسًا لهذين القطاعين. وأكد ضرورة إنشاء الصناعات على السواحل بحيث يمكنها الاعتماد على تحلية مياه البحر.
وتابع قائلاً إن البرنامج السابع يشترط على الصناعات استخدام مياه الصرف المعالجة أو المياه غير التقليدية، مثل تحلية المياه المالحة أو نقل مياه البحر. وإلى حين تطبيق ذلك، يُفرض على الصناعات رسم يعادل تكلفة هذه المياه البديلة، وهو أعلى سعر للمياه. وتوجد مشاريع لنقل المياه إلى محافظات كرمان ويزد وأصفهان وحتى خراسان رضوي وسيستان وبلوشستان وخراسان الجنوبية.
وأشار ساماني إلى أن تغيّر المناخ والجفاف المستمر منذ ست سنوات يمثلان أزمة خطيرة لجميع القطاعات. وعلى الرغم من أن استهلاك الصناعة منخفض، إلا أن أهمية المياه للصناعة عالية جدًا في الهضبة الوسطى حيث المنافسة على الموارد شديدة. ويظل استهلاك الزراعة الأكبر، لكنّ الأمن الغذائي يرتبط بها. أما مياه الشرب فهي قضية حساسة خصوصًا في طهران وأصفهان، وبالتالي يتم الضغط أكثر على الصناعة لتقليل استهلاكها.
الصناعة ليست مزعجة لبقية القطاعات
قال ساماني إن صناعات الفولاذ والبتروكيماويات والسيراميك هي الأكثر استهلاكًا للمياه، إلا أن الصناعات الكبرى تستخدم مياه البحر أو مياه الصرف لأن تكلفة المياه الصالحة للشرب مرتفعة. وأضاف أن احتمال قطع المياه عن الصناعة في الظروف الحرجة منخفض جدًا، إلا أن الوضع الحالي هو نتيجة 50 عامًا من التخطيط غير الصحيح الذي أدى إلى إنشاء صناعات كثيفة المياه في المناطق الجافة.
وأكد أن البلاد تعاني انخفاضًا عامًا في كفاءة استخدام المياه. فإذا تحقق هدف خفض استهلاك الزراعة إلى 55 مليار متر مكعب من المياه المتجددة، فسيكون من الممكن توفير مياه كافية للصناعة والشرب والبيئة. وأشار إلى أن القيمة المضافة التي تخلقها الصناعة من المياه أعلى بكثير من الزراعة، وأن تحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة سيمنح الصناعة جزءًا من هذه المياه.
الموارد المائية في خدمة الزراعة المعيشية
قال توحيد صدرنجاد، رئيس لجنة البيئة والتنمية المستدامة في غرفة إيران، إن حصة الصناعة من المياه تبلغ نحو 5 مليارات متر مكعب فقط، بينما يذهب نحو 90 مليار متر مكعب إلى الزراعة. وأضاف أن تقليل مشكلة المياه إلى «تقنين مياه المنازل» أو «أسعار المياه للصناعة» هو تضليل؛ فالمشكلة الحقيقية تكمن في الزراعة المعيشية التي لا تراعي اقتصاد المياه.
وأشار إلى أن تركيا، بموارد مياه زراعية تبلغ 40 مليار متر مكعب، تنتج 42 مليار دولار من الناتج الزراعي، بينما تنتج إيران بأكثر من ضعف هذه المياه ناتجًا أقل من 40 مليار دولار. ويؤكد أن الحل هو إعادة النظر في أنماط الزراعة، وخفض المساحات المزروعة لعدة سنوات، وإنشاء «سوق مائية» حرة تسمح لأصحاب حقوق المياه ببيع حصصهم لمن ينتج قيمة مضافة أكبر.
وأوضح صدرنجاد أن إعادة تدوير المياه ممكنة في العديد من الصناعات، لكن ليس في الصناعات الغذائية. كما أن نقل المياه مكلف للغاية، إذ تصل تكلفة المتر المكعب إلى نحو 4 يورو، ولذلك فهو خيار غير منطقي. وأكد أن حصة الصناعة من المياه 5٪ فقط، لكنها تمتلك أعلى إنتاجية اقتصادية للمياه، وأنه يعارض فرض أي رسوم إضافية على الصناعة لصالح البيروقراطية الحكومية. وأضاف أن الحل يكمن في سوق حرة تتحدد فيها الأسعار بشكل تنافسي، بعيدًا عن التدخل الحكومي الذي يهدر الموارد.
المصدر : دنیای اقتصاد




