أخبار العالم

إعادة قراءة مقترحات إنشاء عملة مشتركة في العالم

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما» بعد مرور عقود على إنشاء هذا «التكافؤ»، قدّمت إيران، ولا سيما بعد تشديد العقوبات وانضمامها إلى بعض الاتفاقيات الإقليمية، مقترح إنشاء عملة مشتركة بشكل مستمر. ورغم الترحيب بهذه الفكرة، إلا أنّ البنية التحتية اللازمة لتفعيلها عملياً لا تبدو متوفرة حالياً.

شهدت الدول الأوروبية عبر التاريخ العديد من الحروب العابرة للحدود، التي كانت جذورها غالباً إثنية أو عرقية. واستمرت هذه النزاعات بأشكال مختلفة، وكانت الادعاءات الإقليمية والتوسعات العسكرية في كثير من الأحيان تهدف إلى الاستيلاء على المناجم والموارد الطبيعية للدول الأخرى. وفي عام 1952، اتُّخذت الخطوة الأولى لإنهاء هذه النزاعات وإحلال السلام من خلال معاهدة «مانتان» الاقتصادية الخاصة بالفحم والصلب، والتي توسعت تدريجياً بانضمام المزيد من الدول، إلى أن انتهت في عام 1992 بتأسيس المعاهدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.

قرر أعضاء الاتحاد إنشاء سوق مالية مشتركة من خلال إصدار اليورو كعملة محاسبية، ودخل القرار حيز التنفيذ في الأول من يناير 1999. وفي البداية استُخدم اليورو فقط في المدفوعات الإلكترونية، وبعد ثلاث سنوات طُرح في الأسواق على شكل عملات ورقية ومعدنية.

لقد أدّى إنشاء العملة الموحدة إلى خلق أسواق مالية أكثر تكاملاً وقوة للدول الأعضاء، وخفّض تكاليف صرف العملات، ورفع مستوى الشفافية في المعاملات، وعزّز أمن الأصول أمام تقلبات أسعار الصرف، مما ساهم في زيادة الاستثمارات الصغيرة والكبيرة بين دول الاتحاد.

وسرعان ما انتشرت هذه المبادرة، وأدى الدعم الواسع من دول الاتحاد لليورو إلى زيادة قدرته على الصمود أمام الصدمات الاقتصادية وجعله أكثر جاذبية في التجارة الدولية.

لكن هذا لم يكن نهاية القصة. ففي عام 2007، صرّح آلن غرينسبان، رئيس الاحتياطي الفدرالي آنذاك، بأن اليورو يمكن أن يصبح عملة عالمية مثل الدولار. ومع ذلك، ورغم قوة هذه الفرضية، لم يشكّل اليورو بحلول نهاية عام 2006 سوى 25٪ من احتياطيات العملات العالمية، مقابل 66٪ للدولار.

ورغم النمو التدريجي لحصة اليورو في المعاملات العالمية، ما يزال الدولار يتصدر الأسواق، وبالرغم من مرور ثلاثة عقود تقريباً على دخول اليورو النظام المالي العالمي، لا يزال الدولار متقدماً عليه.

وجدير بالذكر أن الدولار نفسه مرّ بمسيرة مماثلة؛ ففي عام 1944، وبعد اتفاقية «بريتون وودز»، وافق ممثلو 44 دولة خلال مؤتمر الأمم المتحدة النقدي والمالي على اعتبار الدولار العملة الاحتياطية الرسمية للعالم. وكان سعر صرف العملات يُقيّم بناءً على احتياطيات الذهب، لكن بخلاف معيار الذهب، مُنح صندوق النقد الدولي حق التدخل في حالات اختلال التوازنات التجارية والمالية.

وتشير الوثائق التاريخية إلى أنه قبل عقود من ظهور اليورو، استخدمت إيران وألمانيا عملة مشتركة في تبادلاتهما المالية. فقد طُبعت هذه الأوراق النقدية عام 1916 خلال الحرب العالمية الأولى، وكانت أداة اقتصادية وسياسية مهمّة هدفها تسهيل المدفوعات دون الحاجة إلى البنوك، ودعم تبادل الطلاب والمهندسين بين البلدين.

كان أحد وجهي الورقة النقدية يحمل المارك الألماني، والوجه الآخر يحمل الريال الإيراني، وقد تم تثبيت «تكافؤ» بين العملتين بحيث تعادل خمسة وعشرون ريالاً عشرة ماركات.

وبعد مرور عقود على هذا التكافؤ، عادت إيران – ولا سيما بعد تشديد العقوبات وانضمامها إلى بعض التكتلات الإقليمية – لطرح فكرة العملة المشتركة، ورغم الترحيب السياسي بها، إلا أن الظروف العملية لتحقيقها ليست متاحة بعد.

المصدر: دنیای اقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى