أخبار العالم

هجرة القوى العاملة من الصناعة

في السنوات الأخيرة، أصبح نقص العمالة في الصناعات المختلفة في إيران أحد أكبر التحديات التي تواجه المنتجين. وحدات الصناعة التي كانت تواجه سابقًا طوابير طويلة من المتقدمين للعمل، أصبحت الآن تكافح لجذب حتى العمال غير المهرة. وتعكس هذه الحالة تغييرات عميقة في هيكل التوظيف، وتفضيلات الجيل الجديد، والظروف الاقتصادية في البلاد.

وفقًا لتقرير «شامخ صنعت»، ظل مؤشر التوظيف واستخدام القوى العاملة أقل من 50 لمدة 14 شهرًا متتاليًا، مما يبرز عمق أزمة العمالة في القطاع الصناعي. وقد دفع التضخم وتراجع الأجور الحقيقية الأفراد إلى البحث عن وظائف بديلة وسريعة الدخل، بينما تواجه وحدات الإنتاج مشكلات مثل قيود الطاقة، قدم المعدات، ارتفاع تكلفة المواد الخام، وتأخر دفع الأجور.

هذه العوامل قلّلت من جاذبية العمل الصناعي وحوّلت المنافسة لصالح القطاع الخدمي. في الوقت نفسه، تمثل التغيرات في توجهات وتوقعات الجيل الجديد تحديًا جديدًا للصناعات، إذ اعتادوا على بيئات عمل مرنة وفرص دخل متنوعة، ويبدون اهتمامًا أقل بالعمل في الصناعات التقليدية والثقيلة.

في صناعة النسيج، أصبح جذب العمال غير المهرة تحديًا كبيرًا بسبب جاذبية الوظائف سريعة الدخل وضعف الوضع الاقتصادي للوحدات الإنتاجية. يفضل الكثيرون كسب الدخل اليومي من خلال خدمات النقل الذكي أو فرص الدخل السريع الأخرى، حتى لو كان هذا العمل مصحوبًا بالإجهاد البدني وتآكل المعدات.

تُظهر بيانات التوظيف أن العمال المحترفين ينجذبون إلى الصناعات إذا حصلوا على مزايا مثل التأمين على الحياة والتأمين التكميلي، بينما يركز العمال غير المهرة والعزاب على الدخل اليومي ويتجهون نحو الوظائف الخدمية. يجب على الحكومة تعزيز قيمة العمل الصناعي وتقديم دعم ملموس للعمال غير المهرة.

في قطاع التعدين، تسبب نقص العمالة في توقف بعض مواقع الاستخراج. أدى التضخم وتراجع القدرة الشرائية وظروف العمل القاسية والأجور غير الكافية إلى تردد الكثيرين عن العمل في هذا المجال. وحتى زيادة الأجور إلى 30–40 مليون تومان لم تحل المشكلة، مما اضطر بعض الوحدات إلى توظيف عمال أجانب.

المشكلة الأساسية في التعدين والصناعات الأخرى هي صغر حجم الاقتصاد الوطني، ما يحد من إمكانية زيادة الأجور دون خفض تكاليف المستثمرين. المعدات ذات الأسعار الأعلى من الأسعار العالمية والفوائد البنكية المرتفعة تمنع زيادة الأجور، وعدم اليقين الاقتصادي يؤثر بشكل أكبر على العمال ذوي الدخل المنخفض.

في صناعة الصلب، أدت اختلافات الثقافة والتوقعات بين الجيل الجديد والأجيال السابقة، إلى جانب انخفاض الحافز وضعف المهارات العملية، إلى تقليل الرغبة في العمل. التكنولوجيا القديمة والهياكل الصناعية التقليدية خلقت فجوة تقنية تقلل من رضا وتحفيز العمال الجدد.

يتوقع الجيل الجديد تقدمًا وظيفيًا أسرع وبيئات عمل حديثة، وهو ما لا توفره الصناعات الثقيلة. كما أن قيود الكهرباء والغاز، والتكنولوجيا القديمة، وارتفاع تكاليف الإنتاج تزيد من إجمالي التكاليف وتقلل من القدرة التنافسية، مما يزيد المنافسة بين الشركات لجذب العمالة.

بشكل عام، إن انخفاض رغبة العمال في العمل في الصناعات نتيجة لتقاطع الظروف الاقتصادية الصعبة، وجاذبية الوظائف سريعة الدخل، والفجوة بين توقعات الجيل الجديد وبنية الصناعة. وللتغلب على هذه الأزمة، فإن تحديث التكنولوجيا، وإصلاح سياسات الأجور، وخلق حوافز حقيقية للعمال للعودة إلى قطاع الإنتاج أمر ضروري للحفاظ على القدرة الإنتاجية والتنافسية الصناعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى