مقالات الرأي

هل فنزويلا على أعتاب الحرب أم الاستقرار؟ رواية ميدانية من بلد في مواجهة مع الولايات المتحدة

✍️ الدكتور سيد حميد رضا قريشي


المراسل الموفد لـ«صدای سما» إلى كراكاس – فنزويلا

 

نظرًا لحملة التهويل الإعلامي التي جرت بشأن الوضع في فنزويلا، والتي وُصفت بأنها في حالة مواجهة مع الولايات المتحدة، قررنا من أجل توضيح الصورة القائمة دراسة الأوضاع عن قرب.

تشير المشاهدات الميدانية المباشرة يوم الاثنين 17 آذر 1404 إلى أنه بعد مرور أربعة أشهر على أول مواجهة بين الإمبريالية الأمريكية والسفن (التي تدّعي الولايات المتحدة أنها كانت تحمل مواد مخدرة)، تشكّل جو متوتر دفع العديد من الدول إلى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة ستشن هجومًا وأن نظام مادورو سيسقط.

ارتفع سعر الدولار بشكل حاد، وتحمّل المواطنون ضغوطًا اقتصادية كبيرة. وبناءً على ذلك، كانت الولايات المتحدة تتوقع نزول الناس إلى الشوارع والاحتفال بسقوط مادورو، لكنها غفلت عن أن هذا الشعب، الذي يمتلك تجربة تاريخية تمتد من عهد سيمون بوليفار إلى مجدده هوغو تشافيز، قد حافظ على روح المقاومة نفسها في عهد مادورو.

لقد مرّ هذا الشعب بظروف أشد قسوة خلال الأعوام 2017 إلى 2019، المعروفة بمرحلة المجاعة في فنزويلا. ويجب الإقرار بأن وضع الناس اليوم أفضل بكثير من تلك الفترة، حيث لم تعد مظاهر الفقر أو انعدام الأمن كما كانت سابقًا. فعلى سبيل المثال، أنا حاليًا في الجامعة البوليفارية بانتظار لقاء نائب رئيس الجامعة، والحياة تسير بشكل طبيعي. كل من نتحدث إليه يؤمن بتشافيز ومادورو، ويتفق الجميع على الدفاع عن الوطن.

قبل عامين، أجرينا مقابلات مع 40 من المفكرين حول خطاب بوليفار وعلاقته بالثقافة الإيرانية وأمريكا اللاتينية وفنزويلا، وقمنا باستخلاص مؤشراته. وتبيّن أن حتى أطياف من المعارضة، رغم عدم رضاها عن الرئيس الحالي، تؤكد أنها ستقف حتمًا في وجه أي هجوم أمريكي (تمامًا كما حدث خلال حرب الاثني عشر يومًا).

كما كُلف عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) بإثارة الفوضى، إلا أنهم اعتُقلوا من قبل الجيش قبل تنفيذ أي تحرك. حوالي 40٪ من الشعب يؤيدون مادورو، و30٪ ثوريون راديكاليون موالون لتشافيز، وهم مستعدون لمواجهة مادورو نفسه إذا لم يواصل نهج تشافيز.

ومع ذلك، نشهد في الفضاء الافتراضي حملات مغرضة تهدف إلى «سَوْرَنَة» فنزويلا، والترويج لفكرة أن البلاد على وشك السقوط، وأن الاستثمارات في محور المقاومة ستذهب سدى، وأن مقاومة الولايات المتحدة بلا جدوى. كما أُطلقت شائعات تزعم أن مادورو فرّ إلى كوبا أو روسيا أو تركيا، وطلب الحفاظ على أمواله، وكل ذلك محض أكاذيب. إن مقارنة مادورو ببشار الأسد خاطئة، فمادورو تلميذ تشافيز، وهو رمز للمقاومة، وتوجد مجموعات فدائية مسلحة تقسم على الدفاع عنه بقوة.

لقد تلقى الشعب تدريبات واسعة لمواجهة الولايات المتحدة، وتمت تعبئة ما بين أربعة إلى ثمانية ملايين شخص. وبالنظر إلى هذه المعطيات التي لم تكن موجودة قبل أربعة أشهر، يبدو أن شبح الحرب قد ابتعد عن هذا البلد. حتى رحلات الخطوط الجوية التركية بدأت بالعودة، بعد اتفاق تم التوصل إليه إثر اتصال هاتفي بين مادورو وأردوغان.

ينبغي الانتباه إلى أن مادورو رجل صفقات، ويتمتع بيدٍ عليا في النشاط الدبلوماسي. الولايات المتحدة تسعى وراء النفط، وقد تتراجع عن الضغط على فنزويلا إذا حصلت على عدد من المصافي.

وعلينا نحن أن نعمل على تنمية وترسيخ فكر المقاومة، الذي ترسخ في مختلف أنحاء العالم بفضل تضحيات الشهداء الأبرار.

أليس الصبح بقريب؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى